أظهرت نتائج التحقيق في بريطانيا براءة النائب العمالي السابق جورج غالاوي من جميع التهم الموجهة إليه في سياق تورطه بالفساد فيما يتعلق ببرنامج النفط مقابل الغذاء وتلقيه رشاوى من النظام العراقي السابق.
وأعرب غالاوي عن ثقته بتأكيد براءة كل المتهمين أشخاصا وحكومات فيما لو كانوا لجؤوا إلى المحاكم المحلية والدولية سواء في روسيا وفرنسا أم في الدول الأخرى التي اتهمتها الإدارة الأميركية في تقريرها الشهير بخرق برنامج النفط مقابل الغذاء, وارتكاب تجاوزات قانونية.
ويأتي ظهور عدم صحة المعلومات وعدم كفاية الأدلة التي ساقتها صحيفة ال¯ /ديلي تلغراف/ البريطانية لإدانة غالاوي, وفي محاولة منها لتشويه سمعته على خلفية رفضه ومعارضته للحرب , وتاليا إصدار المحاكم البريطانية حكمها بالبراءة والتعويض له, أمرا طبيعيا ومتوقعا, خاصة بعد أن اعترفت الصحافة الأميركية والبريطانية بتصرفاتها غير المسؤولة, وقيامها بالترويج للحرب من خلال التزامها بالتعليمات المكتوبة الصادرة عن الإدارة الأميركية والحكومة البريطانية.
الغريب في الأمر أنه في الوقت الذي صدر فيه حكم المحكمة البريطانية ببراءة النائب غالاوي, يتعرض الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان على الخلفية ذاتها لهجمة صحافية شرسة من قبل الصحافة الأميركية المقربة من المحافظين الجدد لمعاقبته على مواقفه التي عبر عنها, ولاسيما تأكيده عدم شرعية الحرب فيما كان الرئيس جورج بوش يخوض حملته الانتخابية ضد منافسه الديمقراطي جون كيري, الأمر الذي اعتبرته أوساط الرئيس بوش انحيازا إلى جانب كيري ينطوي على محاولة التأثير في نتائج الانتخابات لمصلحة الأخير.
وقد يبدو تصريح وزير الخارجية الأميركي- المستقيل- كولن باول أفضل مرافعة دفاع عن أنان في هذا الصدد من شأنه أن يجعل التهمة ترتد على واشنطن, حيث أكد باول بأن أنان كان أمينا عاما جيدا, والولايات المتحدة تأسف لما حصل في برنامج النفط مقابل الغذاء, في إشارة إلى أن بلاده هي من كان يتحكم بهذا البرنامج منذ إطلاقه ولسنوات طويلة, وهي على دراية تامة بكل ما يحصل فيه من تجاوزات وسرقات, وبالتالي فإن أي تجاوزات في حال حصولها فإن واشنطن تعد أول المتورطين فيها.
وإذا كان باول قد قدم اعترافه وشهادته هذه خدمة للحقيقة على قاعدة أن جميع المسؤولين الأميركيين لايستطيعون قول الحقيقة إلا بعد خروجهم من السلطة, فهل تخطط الإدارة الأميركية للنيل من معارضي ومنتقدي الحرب دولا وحكومات, كتابا وصحفيين, قادة عسكريين ودبلوماسيين سابقين, والقائمة طويلة.. أم أنها ستقر بالحقيقة وتتراجع عن اتهاماتها وتعتبر من براءة غالاوي?!