قال سلفان شالوم وزير الخارجية الإسرائيلي( إن إسرائىل تطالب سورية بوقف دعمها للمنظمات الإرهابية وبالخروج من لبنان إذا أرادت إثبات جدية نياتها السلمية).
وطبقاً لهذا الموقف الإسرائيلي, فإن إسرائىل تطلب من سورية إثبات حسن نياتها وجديتها بالاستجابة إلى شرطين تعجيزيين تدرك سلفاً أن الموافقة على أي منهما تشكل ضرباً من الوهم لأن الأول يتصل بتهمة إسرائيلية باطلة للمقاومة الفلسطينية واللبنانية على أنها إرهاب, وأن من يقاوم الاحتلال الإسرائىلي منظمات أم أفراداً هو إرهابي, ولأن الشرط الثاني ينطوي على تدخل سافر في طبيعة العلاقة الناظمة بين بلدين عربيين, يستهدف تفكيك هذه العلاقة بعدما تمخضت عن جملة حقائق برهنت على أن وحدة الموقف والمسار بين سورية ولبنان كانت كفيلة بإخراج إسرائيل مكرهة من الجنوب اللبناني, واستنهاض الانتفاضة الفلسطينية من جديد في مواجهة الصلف الإسرائيلي, وإثبات أن تنسيق الموقف العربي على ذات الأرضية, أرضية التلاحم النضالي والتضامن السياسي ووحدة الهدف والرأي والموقف والرؤية تجاه التحدي الإسرائيلي من شأنه أن يكسر هذا التحدي ويجبر إسرائىل وقادتها على الأخذ بالسلام المؤسس على مبادىء الحق والعدل والشمول خياراً استراتيجياً.
والمفارقة الغريبة في هذا الطرح اللا منطقي هو أن تطالب إسرائيل سورية بإثبات جدية نياتها حيال السلام عبر ما تسميه بوقف دعمها للمنظمات الإرهابية وبالخروج من لبنان, في وقت لم تترك فيه إسرائيل شكلاً من أشكال الإرهاب إلا ومارسته, ووسيلة من وسائل تجسيده بأبشع صوره إلا واستخدمتها بدءاً من الاعتقال الجماعي والاغتيال المستهدف, وانتهاء بالقوة المفرطة والتهديدات الاستفزازية, فمن يتعين عليه إثبات جدية النية حيال السلام وجهوده وإطلاق عمليته في ضوء هذه الوقائع; سورية التي شهد العالم كله لها بإيجابية موقفها وفاعلية دورها في تعزيز جهود السلام وفرصه, أم إسرائيل التي تبني سياستها على الإرهاب والتهديد وتعطيل جهود السلام وإضاعة فرصه, ما اضطر وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر مؤخراً إلى فضح حقيقة الموقف الإسرائيلي والتراخي الأميركي حياله عندما دعا إسرائيل إلى الإعلان عن استعدادها لعقد مفاوضات دون شروط مسبقة, وطالب أميركا بتبني أسس صادقة لإحياء المفاوضات والضغط على إسرائيل لوقف نشاطاتها الاستيطانية, إيماناً منه بأن الاستيطان كان وسيبقى العقبة التي تحول دون السلام والاقتراب منه في أي مكان وزمان..?
إن من يتوجب عليه إثبات حسن النية تجاه السلام هو الطرف الذي تثبت مواقفه أنه يتهرب من استحقاقات السلام وفرص إطلاق عمليته, بانتهاج سلوك العدوان والإرهاب وممارسة سياسة التعجيز والنفاق عبر اتهام الآخرين بالإرهاب , فيما هو يمارسه جهاراً نهاراً, وعبر محاولة التدخل في منظومة علاقات قومية بين بلدين شقيقين تضرب جذورها في أعماق التاريخ ويحتم تعزيزها وتطويرها وتعميقها على مختلف المستويات الشعبية والرسمية المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين والتهديد الإسرائيلي الدائم لوحدة لبنان أرضاً وشعباً ولأمنه واستقراره, وواضحٌ من سياسة إسرائيل ومواقفها القائمة على منطق العدوان والتهديد والكذب والنفاق أنها هي وليست سورية من تحتاج إلى إثبات حسن نياتها, و أن جديتها تجاه السلام لو كانت حاضرة في نيتها,لما عادت إلى اتهام سورية كذباً بدعم الإرهاب , ولما حشرت أنفها في مسألة لا شأن لها بها وتدخل ضمن صلاحيات السيادة وحقوقها لدولتين عربيتين.