ما المشكلة أيضا حين نستحضر صديقنا في لعبة الحطام وكاتب البيرو الحائز على جائزة نوبل ماريو فارغاس للوزا وهو يكتب عن الأرض الحائرة بين ثقافة الذباب وثقافة البنفسج, ولكن ليستدرك: (إنني موظف لدى ربة عمل تدعى... الحياة).
لماذا يفترض بالواحد منا أن يكون موظفا لدى رب عمل يدعى.. الموت?
يا صاحبنا أبا زيد الهلالي إن جورج سوروس, نجم وول ستريت, يهزأ منا وهو يخاطب نجم البيت الأبيض (والاثنان, كما نعلم, يتبادلان الكراهية): (لماذا لا تقنعهم بشراء المريخ?)
مع أننا, يا صاحبي, ومنذ أن أطلقت الأرض العنان للنفط, ونحن نشتري السراب, تلو السراب, تلو السراب.
تأمل جيدا, وقل لنا ماذا نفعل في هذا الفائض من السراب الذي يتكدس تحت ثيابنا?
ولكن ألم يقل سوروس إياه, ونحن ندرك شعوره (النبيل) حيالنا: (أولئك الذين يستطيعون شراء الكرة الأرضية) لا, لا نريد أن ندخل في لعبة القياصرة. خيالنا لا يتحمل كل هذا. ما نبتغيه أن يكون ثمة مكان لأقدامنا -أو لصراخنا- في هذه القرية الكونية التي تضيق, وتضيق علينا, حتى لنتفق مع للوزا وهو يقول: (إن صدى الصفيح يصل أحيانا إلى الله).
إذ اً , مكاننا, بثرواتنا الهائلة, بقضايانا الهائلة, بأزماتنا الهائلة, في غابات الصفيح. يا أولادنا الأعزاء دربوا أقدامكم على الأزمنة الحافية القدمين...
يا أبا زيد الهلالي, وفي عيوننا تغريبة أخرى وأخرى أشد وقعا من تغريبة بني هلال, وكنا للتو في أرضها, هل نقول لك إن كل ما نريده الآن هو معطف لهذا الهيكل العظمي?
يتدحرج المال. أين يذهب? أجل, أجل, في حضارة الشفافية أين يذهب إذا لم يستخدم في إعادة أسناننا, ومواقفنا, وأحلامنا, إلى مكانها?
هذه أكياس من الذهب (أكياس بشرية?) وترتجف, فيما غيرنا -أو بيننا- من يصنع من الأيدي العارية, بل ومن البطون الخاوية, ذلك الطراز الفذ من المستقبل...
إذا كان كل ذلك المال المجنون عالة علينا, كما نسمع, لأن الآخرين يلاحقوننا بالقاذفات من أجله, وإذا كنا أقل شأنا من أن نعرف كيف نستعمله بمنطق الألف عام وعام المقبلة لا بمنطق الألف ليلة وليلة الغابرة, فلماذا لا نلقي به ومعه السراب- عن ظهورنا.
ونتنفس الصعداء. يتنفس الزمن فينا الصعداء...
ولكن, هل نلقي بأرضنا عن ظهرنا? إننا نفعل, ونفعل, ونفعل!