تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الخميس 9/12/2004
علي قاسم
انتظار الإسرائيليين يطول, والفرصة التي منحوها لشارون, تحتاج لفرصة أخرى, وإن كان المعيار هنا مختلفاً, والتقدير غير متطابق, بحكم أن تجربة الأشهر الماضية, كانت مريرة بما يكفي للإدراك, بأن التآكل قد استهلك كل الخيارات.

وحتى بيريز حين يحاول تعويم شارون الغارق, يدرك أنها لحظة مؤقتة لن تطول وإن اقتضت عودته إلى الحضور السياسي على مسرح الأحداث, كآخر ظهور له متاح قبل أن يودع الحياة السياسية.‏

هكذا تتعاطى أغلبية الإسرائيليين مع مشهد تزداد فصوله سخونة مع بروز مؤشرات متتالية على أن الواقع السياسي الذي أغرقهم في متاهة البحث عن بدائل تكاد أن تكون محالة, بعد أن أضحت شخصيات الظل المنتظرة مجرد دمى تتحرك تبعاً لطقوس الآخرين, وليس كما تقتضي وتيرة الأحداث.‏

ومع ذلك لا يزال هناك من يراهن على أن سقوط شارون في فخ الاستعانة بحزب العمل, والاضطرار القسري لتلك الاستعانة, هما نتاج تهور أضاع من خلاله البقية الباقية له من شهوره الأخيرة على المسرح.‏

أكثر المتفائلين بقدوم شارون قبل بضع سنين, أضحى اليوم أكثر المتشائمين بوجوده. والمتطرفون الذين استنجدوا به للخروج من عنق الزجاجة يحاصرونه اليوم فيه, بل ويلحون على إغلاقه.‏

المفارقة ليست في الانقلاب الذي حدث, بل هي في تأخره حتى هذه اللحظة, ولا سيما بعد أن كانت كل بدائله, خطوات متتالية من الانزلاق المتواصل, أوصلته إلى القطيعة مع امتدادات التطرف التي دفعت به نحو الهاوية.‏

لذلك تحول الرهان على الزمن الذي استنفده شارون حتى آخره, يتحول إلى سيف مسلط عليه, بحكم أن الخيارات تضيق أمامه إلى حد التلاشي بصورة دفعت أكثر المقربين منه إلى الحديث عن ضرورة التفكير بالبدائل.‏

ولكن السؤال المحير لهم, ما هذه البدائل, وما مساحتها, وكم من الوقت يمكن لها أن تصمد أمام الانهيار المتتالي لكل تلك البدائل التي كانت متاحة حتى في وقت قريب?‏

سؤال مؤرق تبحث دوائر القرار الإسرائيلي عن إجابة سريعة يصعب التقاطها وسط هذا التراكم المثير للتداعيات, وهم يقرون سلفاً بأن الموجة الأخرى من التطرف التي تجتاح الإسرائيليين لن تكتفي باقتلاعهم, بل ستقتلع معها آخر ما تبقى في الجعبة من رصيد هو بالأصل يعاني من التآكل, ويبدو متهالكاً إلى حده الأقصى.‏

والملفت أن الأمر لا يقتصر على تداعيات الداخل الإسرائيلي, بل هي أيضاً تكتمل في حلقة من التداعيات الخارجية, عندما بدأت المواقف الدولية بمحاصرة السياسة الإسرائيلية وإعادة تدويل التطرف الإسرائيلي كحالة تحد واضحة للمجتمع الدولي, والمواجهة التي كانت مستبعدة أو غير واردة, أضحت قاب قوسين أو أدنى, هذا إذا لم تكن واقعة فعلياً.‏

ويترابط ذلك مع الورطة الإسرائيلية التي تتكثف خيوطها مع الحديث عن السلام ومتطلباته, وإمكانية استئناف عملية السلام, التي بالغت حكومة شارون في رفضها, بل وفي تحييد الحديث عنها, حيث مجرد الطرح يربك الإسرائيليين وتتداخل خيوط التأزم في الداخل الإسرائيلي معها.‏

من هنا كان الاستنجاد بحزب العمل وبيريز بالتحديد قد جاء متأخراً, لأن الآخر الذي فقد رصيده السياسي, لم يعد يغري الكثيرين, ولا سيما عندما يدرك الجميع أنه هو الذاهب إلى شارون, أكثر مما مال هذا الأخير إليه, وتلك هي المعضلة التي تبدو دون حدود أو سقوف, وقد يكون الشكل الآخر للطوفان..!‏

 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 30398
القراءات: 30393
القراءات: 30385
القراءات: 30387
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30387
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30387
القراءات: 30392
القراءات: 30390
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30391
القراءات: 30392
القراءات: 30389
القراءات: 30393
القراءات: 30386
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30387
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30391
القراءات: 30387
القراءات: 30386
القراءات: 30390
القراءات: 30384
القراءات: 30386
القراءات: 30393
القراءات: 30386
القراءات: 30384
القراءات: 30392
القراءات: 30390
القراءات: 30390
القراءات: 30385

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية