تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الخميس 9/12/2004
أنيسة عبود
كان يعشب مساكب السلق صباحا والندى يفيض على يديه المخضرتين بالتعب حين مرت جارته أم شحادة ومنديل الحرير يلف رأسها. كانت تمشي كل صباح لتقطع المسافة بين الفوار والقرية علها تخفف قليلا من وزنها بناء على نصيحة ابنها الطبيب.

اقتربت أم شحادة من الحاكورة ثم توقفت وهي تلهث لتقول لأبي علي بصوت متقطع »هاي بو علي«.‏

رفع الرجل رأسه ونظر إلى جارته العجوز وهي تصبّح عليه ب¯ »هاي بو علي« لم يرد. ظل يبحلق فيها ما اضطرها لأن تعيد عبارتها ظنا منها أنه لم يسمعها, وعندما كررت تحيتها قال الرجل بصوت رخو »هايتين« ثم انحنى على مسكبته يعشبها من النباتات الضارة التي تنبت عنوة في مسكبة السلق.‏

***‏

فوجىء سلوم بأمه وهي تطلب إليه أن يحضر لها من المدينة طعاما رأته في المسلسل. وعندما سألها عن اسمه ذكرت اسم الممثلة التي كانت ترتدي الثياب الشفافة وتقضم »قضوضة اسمها همبر«. ابتسم سلوم وأدرك أن أمه تريد الهمبرغر, ثم قال لأخيه: يبدو أن بوش زار ضيعتنا وقبل أن يغادرها سألها إذا كانت تريد -اسكالوب.. أو فيليه.. أو, أصرت الأم على الهمبر.. أو أنها ستخبز بيتزا على التنور.‏

أدار سلوم ظهره وهو يقول: »أوكي.. أوكي«.‏

***‏

عندما دخلت المطعم البحري منذ فترة برفقة أحد الأصدقاء جاء النادل وأعطانا مجلدا أنيقا مكتوبا عليه بحروف مذهبة. فتحته لأتصفحه فلم أعرف منه شيئا. قلت للنادل: اشرح لي ماذا يوجد عندكم.. راح يعدد أسماء لم أسمع بها أبدا, فقلت له: ماذا يعني كذا..?! قال: »هذه عبارة عن خبيزه مع الحامض والبصل.. و« قلت له وأنا ابتسم: من زمان قل خبيزه.. أرجو أن تريحني من ورطة الأسماء وتسمي بالعربي لأني آكل بالعربي. هز النادل رأسه ولم يقل شيئا لكنني أدركت أنني لم أملأ عينه لأنني لا أحفظ أسماء لاتينية أو فرنسية لأطباق الطعام المتنوعة. خاصة وأن لفظ هذه الأسماء واستخدامها في المطبخ صار موضة يدل على الطبقة الراقية التي تقضي نصف عمرها في المطاعم. وأنه لمن المعيب أن تجهل سيدة أنيقة هذه الأسماء. عندما انتهى النادل من ترتيب الطاولة نظرت إليه وسألته: كأنني أعرفك يا رجل من أين أنت.‏

ابتسم بلطف وقال: من قرية السنديانة.‏

***‏

لم أسمع يوما أن ابنة جارنا قد ذهبت إلى بريطانيا أو إلى أميركا. كل ما أعرفه أنها لم تأخذ الثانوية وأنها تزوجت من رجل غني عينها رئيسة متجره الذي يبيع العطور وأدوات الزينة النسائية.‏

لم أعرف ابنة جارنا أبدا عندما دخلت المتجر.. صارت امرأة شقراء بعينين سوداوين. وصارت بشرتها مكشوطة بيضاء. ولها شفاه غليظة كأنها من البلاستيك.. هي عرفتني ونادتني »تانت« وكرّت علي أسماء المكياج بلغات عديدة. وشرحت عمل كل نوع بلغات لم أسمع بها فكنت أهز رأسي وأجاريها بالأوكي التي تكررها كما تكرر التنفس, قلت لها أخيرا: أعود مرة أخرى. فقالت: »آزيو لايك« فابتسمت وقلت سلمي على أمك هدلة.‏

فردت: أوكي.‏

 

 أنيسة عبود
أنيسة عبود

القراءات: 30381
القراءات: 30388
القراءات: 30379
القراءات: 30388
القراءات: 30383
القراءات: 30384
القراءات: 30386
القراءات: 30377
القراءات: 30387
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30386
القراءات: 30384
القراءات: 30387
القراءات: 30383
القراءات: 30384
القراءات: 30383
القراءات: 30388
القراءات: 30396
القراءات: 30385
القراءات: 30385
القراءات: 30390
القراءات: 30392
القراءات: 30384
القراءات: 30383
القراءات: 30386
القراءات: 30381
القراءات: 30384

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية