انظروا كيف يختزل الفكر الغربي عن جهل أو سوء نية وقصد- وهذا هو الاحتمال الأقرب- قضية السامية والساميين باليهودية واليهود وكأن السامية هي اليهودية فقط واليهود على اختلاف جنسياتهم الحقيقية في العالم (أي يهود دول أوروبا وأميركا وآسيا وإفريقيا) هم الساميون ولا ساميين سواهم..?
إن مجرد ربط القانون الأميركي الجديد موضوع معاداة السامية باليهود واليهودية, يشكل مغالطة فاضحة لحقائق التاريخ وعلم الأجناس,لجهة أن ليس كل اليهود ساميين, وأن موطن السامية والساميين الأصلي هو هنا في أرض العرب, وأن المتضرر الحقيقي من كل مايسمى بمعاداة السامية هم العرب وليس اليهود في المنطقة العربية, والتاريخ يؤكد أن اليهود ماعاشوا بأمان واطمئنان الا بين ظهراني العرب.
وكل ما تعرضت له المنطقة العربية من استعمار واستبداد أجنبي وإفقار وتجويع وتشريد ونهب منظم لخيراتها وقتل وترويع لأبنائها على مراحل كثيرة من الزمن ,هو أحد أبشع أشكال اللاسامية وخلال المرحلة الراهنة على العرب أن يرفعوا صوتهم في القول: إن الحرب المنظمة التي تقودها بسادية وشراسة لامثيل لهما في التاريخ,قوى الاحتلال الصهيوني في فلسطين, وقوى الاحتلال الأميركي في العراق, تندرج في سياق معاداة السامية لأنها حرب ضد الساميين الأصليين تخوضها ضدهم سامية مزيفة هي الصهيونية واليهود المنضوون تحت لوائها العدواني, وقوى إما منخدعة بأضاليل الصهيونية وطروحاتها الكاذبة, أو هي تفيد من هذه الأضاليل في التمظهر بمظهر الغيور على السامية.
كما يتعين على العرب وهم يشهدون أكبر تزوير لحقيقة السامية والساميين, أن يعملوا على فضح أكذوبة حصر معاداة السامية باليهود, وتوضيح حقيقة ان الضغوط التي تمارسها أميركا وإسرائيل ضد سورية ولبنان والسعودية والعرب عموما هي ممارسة فاضحة للاسامية تأخذ شكل الانتقام من الساميين الحقيقيين لرفضهم سياسة العدوان والاحتلال والاحتواء والاستعلاء.
وفي خلفية صدور هذا القانون نجد أن أهدافه تنحصر بين التغطية على جرائم إسرائيل ووحشيتها باتهام كل من ينتقدها ويعريها باللاسامية, وبين السعي وراء كسب أصوات اليهود في معركة انتخابات الرئاسة الأميركية,لعل استمالة هذه الاصوات بأي وسيلة كانت, حتى وان كان من ضمن هذه الوسائل الكذب على التاريخ وتزوير حقائقه,تفيد في ترجيح كفة بوش في سباق المزايدة الانتخابية على حقوق العرب وقضاياهم العادلة لمصلحة إسرائيل.