ولن تدعم مشروعا خاسرا يكون عبئا على الدولة في تحملها أي أعباء مالية إضافية, وبذلك فإنه يحدد رؤية الحكومة في توجهاتها الجديدة مؤكدا على ما سبق ومعتبرا هذا الكلام بمثابة حافز لمن يريد أن يعمل, وبالمقابل يشير بصراحة أن المستقبل لن يرحم مقصرا وسيكون بالنهاية المجال مفتوحا لكل جهة منتجة وتعمل بجد واخلاص لما فيه مصلحة الوطن ومصلحة العاملين فيها, وعليها بالمقابل أن تتحمل ما سيكون إليه الأمر إن هي خسرت أو تراجعت.
هذا الحديث فيه الكثير من الوضوح وهو يضع محددات معلنة لعمل مستقبلي, ومن الطبيعي أن تقرأ شركاتنا العامة ما يلقى عليها من مسؤوليات تجاه تحديث آليات العمل وتشجيع المبادرات المنتجة, أما ما هو غير طبيعي وغير مقبول على الاطلاق ألا تنتبه بعض الإدارات إلى ما سيؤول إليه مصير الجهات التي تديرها, فبدلا من البحث عن تشجيع المبادرات ومكافأة المستحقين المجتهدين فيها, تراها تجد في بعض الواردات فرصة للهدر والتبذير وعدم العدالة بحيث تحجب الحق عن اصحابه وتمنحه تحت شعار مكافحة الهدر والاقلال من الخسائر وحسن سير العمل لأشخاص تربعوا على مفاصلها أو كانوا على مقربة كبيرة من اصحاب المفاصل لتقدم لهم مكافآت لا يستحقونها وتعطي لأصحاب الحقوق الحقيقيين الشيء اليسير الذي لا يكفي لأي شيء.
وهنا يفرح المقربون وأصحاب المراكز ويتراجع اداء المجتهدين وتسير الشركة أو المؤسسة باتجاه التراجع والانهيار.
نحن لا نقول ذلك لمجرد الحديث فأمامنا قرار يحمل الرقم 1546 تاريخ 11/10/2004 موقع من المدير العام للشركة العامة للنقل الداخلي بدمشق, يشير الى منح مكافآت تشجيعية لأكثر من 160 من العاملين لدى الشركة نظرا لقيامهم بأعمالهم بالشكل الجيد والاقلال من الهدر ما أدى الى حسن سير العمل وزيادة المردود! هكذا يشير القرار الذي استند الى قائمة طويلة من الاحكام الصادرة عن قوانين ومراسيم وقرارات وعلى محضر اللجنة الادارية رقم 19 تاريخ 25/9 وقيمة المبلغ المترتب على هذا القرار بلغت بدقة 233800 ليرة سورية.
إلى هنا يبقى الأمر جيدا, أما اذا بحثنا عن دوافع القرار فهنا ستكون المشكلة فالقرار جاء كما فهمنا بناء على عقد نفذته الشركة لتخديم معرض دمشق الدولي الماضي حيث فرزت 30 باصا لهذا الغرض.
ونفذ السائقون جميعا هذا العقد بدقة عالية, وعندما صدرت المكافآت كانت المفاجأة بحصول السائقين على مكافأة مقدارها من 200-300 ليرة فقط أي ما مجموعه 7000 ليرة من كامل المبلغ وذهبت المكافآت بالتساوي إلى المديرين ورؤساء الخطوط ورئيس النقابة وأعضاء مكتب المدير العام والسكرتاريا..والسائقين الخاصين والعاملين المقربين أصحاب الحظوة.
ولكل من هؤلاء 2000 ليرة حد أدنى.. و2500 حد أعلى, لتوزع بقية المبالغ بحدود 500 ليرة على الأقل قربا من المفاصل والادارة, فهل تعقل مثل هذه العدالة, وهل هكذا تتم مكافأة من يعمل ومن لا يعمل?! ولماذا هذا الرقم الكبير الذي صرفته الشركة التي تمر بظروف مالية صعبة إرضاء لأصحاب الشأن? وهل بعد ذلك حديث عن وقوع الخسائر?! نرجو الايضاح والتفسير.