الانتظار أكثر في إشارة إلى الممارسات التصعيدية الإسرائيلية, أكد وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس مؤخرا أن بلاده عازمة على تفعيل دور الاتحاد الأوروبي في المنطقة ولاسيما في عملية السلام.
تصريح الوزير موراتينوس- الموقف المتقدم- على مواقف العديد من الدول الأوروبية والذي عكس موقف الحكومة الإسبانية برئاسة خوسيه لويس ثاباتيرو, ربما شكل رافعة لمواقف أوروبية أكثر جرأة واتزانا وانصافا فيما يتعلق بالصراع العربي- الإسرائيلي, وفي اتجاه تفعيل الدور الأوروبي بعملية السلام المتوقفة لأسباب تتصل بالجانب الإسرائيلي وموقفه المتعنت والرافض للسلام.
والتي بات يدركها الأوروبيون وغير الأوروبيين.
ويندرج الموقف الذي عبر عنه خافيير سولانا الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في سياق الصحوة الأوروبية, كما يندرج في الاتجاه ذاته كل من الخطة الأوروبية التي تم الإعلان عنها مؤخرا في بروكسل, وموقف وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه من أنه لايمكن لأحد أن يغيب عنه أن وضع نهاية للاحتلال الإسرائيلي يمثل الحل الوحيد والحقيقة الأساسية لأي تسوية سلمية في المنطقة.
التصريحات الإسبانية الأخيرة والتحرك المنتظر لوزير الخارجية موراتينوس باتجاه المنطقة خلال الشهر القادم ليس استثنائيا ولاينطلق من فراغ وإنما يعبر عن موقف سياسي واضح عبرت عنه الحكومة الإسبانية غيرمرة, وكان أبرزها تأكيد رئيس الوزراء السيد ثاباتيرو في ختام مباحثاته التي جرت في مدريد مطلع حزيران الماضي مع السيد الرئيس بشار الأسد على أهمية مبادىء مؤتمر مدريد وضرورة جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل, حيث قال: إن بلاده لاتكتفي بالمواقف وإنما بوجوب العمل والفعل للانطلاق بعملية السلام استناداً إلى مرجعياتها الدولية.
لا شك أن إسبانيا التي تمتلك رؤية وموقفا واضحين من عملية السلام, والتي أعادت التوازن للموقف الأوروبي بقرارها القوي والجريء سحب القوات الإسبانية من العراق.. لا شك أنها تلعب اليوم دورا رياديا داخل الاتحاد الأوروبي, ولا سيما في صياغة الاقتراحات والمبادرات الأوروبية تجاه العديد من القضايا الدولية وفي المقدمة ما يجري في فلسطين والعراق.
والموقف الاسباني- الأوروبي الذي عبر عنه كل من سولانا وموراتينوس القادم إلى المنطقة, لن يكون من السهل على المسؤولين الإسرائيليين في حكومة أرييل شارون الالتفاف عليه أو التهرب منه إلا من خلال الاستقواء بالموقف الأمريكي ومحاولة تهميش دور الأوروبيين واتهامهم بالانحياز إلى العرب والفلسطينيين وربما اتهامهم بمعاداة السامية!!.
غير أن المأمول من جولة موراتينوس إحراج الجانبين الأمريكي والإسرائيلي, ذلك أن خبرة السيد موراتينوس العميقة بالمنطقة وبتفاصيل وحقائق عملية السلام تكسبه القوة في الطرح والحوار, وتجعل من مهمته عبئا ثقيلا على حكومة شارون, واختبارا صعبا للإسرائيليين سيزيد من عزلتها, ويعزز قناعة الاتحاد الأوروبي بضرورة ممارسة الضغط على إسرائيل ووضعها أمام خيار فك الارتباط والشراكة معها وفرض عقوبات ضدها, أو التعاون مع جهود السلام المبذولة, فهل يتخلى بعض العرب عن تقديم أطواق النجاة لإسرائيل كلما اشتدت عزلتها, وبالتالي يشكلون قوة اسناد لدور أوروبي فاعل في مواجهة الهيمنة والدور الأمريكي أحادي الجانب?!.