تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الاثنين 25/10/2004‏
رئيس التحرير د. فائز الصايغ
يعتبر التوقيع على اتفاقية الشراكة السورية- الأوروبية بعد ثماني سنوات من التفاوض الماراثوني الجاد والصعب,‏

نقلة نوعية في العلاقات الثنائية والجماعية بين سورية ودول الاتحاد الأوروبي تكللت بالنجاح, وأثمرت عن نص اتفق عليه الجانبان حول إنشاء علاقات تجارة حرة في إطار ما يسمى بآلية برشلونة.‏‏

فمنذ عام 1998 وحتى نهاية عام 2003 كانت المفاوضات تتركز على قضايا اقتصادية.. وقضايا التجارة وتفكيك الرسوم الجمركية وطرق دخول المنتجات السورية إلى الأسواق الأوروبية المحرومة منها حتى اليوم وحصصها وإيجاد مناخ للمنافسة أو الإفساح في المجال أمام المنتج السوري كي يفرض جودته أو في الأقل يأخذ فرصته.‏‏

وقد نجح المفاوض الاقتصادي السوري.. كما نجح السياسي من قبل ومن بعد في تذليل العقبات والسيطرة على المنعطفات والعقبات التي وضعتها بعض الدول الأوروبية لعرقلة المرور السوري وإشعال الضوء الأحمر في طريقه, مستفيداً من خبراته المتراكمة في هذا المجال من جهة ومن خبرات الدول العربية الشقيقة من جهة ثانية.. والتي عزّزت من موقف المفاوض السوري مستنداً في ذلك إلى ميزان المصالح وتوازنها بين الجانبين السوري والأوروبي بحيث تم استبعاد توازن القوى في المحادثات لمصلحة توازن المصالح بالحجّة والمنطق والمثابرة والقدرة على الاقتناع والإقناع معاً..‏‏

والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي المكتسبات والمنافع التي يحققها الاتفاق والتي ستنعكس على المواطن السوري?.. يقول المختصون والمتابعون لهذا الشأن ومنهم من شارك في المفاوضات والصياغات: إن من أبرز المنافع, التعاون الفني في مجالات الإصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي, والدعم الفني وتقديم الخبرات في هذه المجالات, ودعم تطوير مؤسسات العمل الاقتصادي وتطوير سياساتها وتسهيل دخول الصادرات الزراعية والصناعية السورية, على تواضعها, إلى الأسواق الأوروبية وقبل هذا وذاك إدخال المفاهيم التنافسية ومسائل كالجودة والمواصفات الى الاقتصاد والإدارة السورية.‏‏

وسنقف هنا عند مسألة إدخال المفاهيم التنافسية إلى الإدارة السورية ونسأل.. هل الإدارة السورية مهيأة للتعامل الجدي مع هذه المفاهيم.. وهل مناخاتها تسمح لمثل هذه المفاهيم.. وهل الإدارات قادرة على التأقلم والتكيف والاستيعاب فعلاً..? وخصوصا أن أوروبا قطعت مسافات واسعة في هذا الميدان تجاوزت فيه العلوم والتجارب حتى أصبحت علماً بحد ذاته.. وتجربة فريدة عبر التاريخ الأممي مع أنها تواجه ضغطاً أميركياً تنافسياً يحاول تأطيرها وتحجيمها كي لا تطول العوالم الأميركية الاقتصادية المتجبرة, والتي لا ترى اقتصاداً ولا سياسة في العالم دون اقتصادها وسياستها أو مثله..?‏‏

وعملية التأقلم والتكيف والاستيعاب لدى إدارات ومؤسسات الدولة والعاملين بمختلف المواقع بهدف التطوير تعيدنا إلى حديث السيد الرئيس بشار الأسد أمام المغتربين والذي أشار فيه إلى ثلاثة معايير مهمة وهي ( تحديد عناصر التطوير, وتحديد مراحله, ومن ثم برمجة ذلك زمنياً) في إطار عمل مؤسساتي حقيقي لا يلغي ولا يكرسّ الفرد فيه بمقدار ما يرفد المجموعة- ونعني المؤسسة- بالمبادرات الخلاقة والأهم يكرس مُثل العمل وثقافته المفقودة في مكان والموجودة في مكان آخر بلا نواظم مركزية تدفع بجوانب التقصير الى المواكبة بحيث يصبح الأداء متوازناً ومتسارعاً في مختلف قطاعات العمل والانتاج والادارة معاً وفق منهجية علمية للتطوير المطلوب في الفكر قبل العمل.. وفي الذهنية قبل المؤسسة, ووفق خطط معلنة ومدروسة بعيدة المدى, لا ارتجالية قصيرة الأمد, آنية الهدف.‏‏

هكذا نحوّل اتفاقية الشراكة وهي الاتفاقية الأهم في التاريخ الاقتصادي والسياسي السوري, أقلها في هذا العصر, إلى فوائد في الاتجاهين.. اتجاه ( استيراد) ثقافة العمل وطرائقه وجديته وحيويته وإنتاجيته الى إداراتنا التي تغص بالبطالة المقنعّة وتعاني من الجهل المهني في كثير من المواقع.. والاستهتار بالزمن. واتجاه تصدير ماتيسرّ من المنتجات الوطنية الصناعية والزراعية وفتح أسواق أوروبا أمامها.‏‏

فالتوقيع على اتفاقية الشراكة ليس كرنفالا نحتفل به ونهتف حوله على الرغم من أهمية الجهود التي بذلت والنجاحات التي تحققت بقدر ماهو مسؤولية يتنكبها الجميع كل من موقعه مسؤولا كان خلف مكتبه أم عاملاً منتجاً خلف آلته أم مزارعاً..‏‏

ترى هل تمت أتمتة العمل الزراعي كلّه أم أن مشهد المحراث الروماني لايزال ماثلاً على جوانب الطرقات وبين القرى المترامية في الريف السوري?.‏‏

 

 د. فائز الصايغ
د. فائز الصايغ

القراءات: 30394
القراءات: 30395
القراءات: 30397
القراءات: 30387
القراءات: 30392
القراءات: 30392
القراءات: 30397
القراءات: 30397
القراءات: 30390
القراءات: 30394
القراءات: 30405
القراءات: 30392
القراءات: 30399
القراءات: 30389
القراءات: 30397
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30390
القراءات: 30393
القراءات: 30395
القراءات: 30390
القراءات: 30390
القراءات: 30390
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30393
القراءات: 30393
القراءات: 30392
القراءات: 30391
القراءات: 30399
القراءات: 30392
القراءات: 30392
القراءات: 30400
القراءات: 30393

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية