وكيف يمكن لأم أن تجلس متفرجة وباسترخاء, في الوقت الذي تقدم فيه إحدى بناتها على إيذاء أختها أمام عينيها, دون أن تتدخل, وكأن شيئاً لم يكن, إلا إن كانت لا تعرف شيئاً من معنى الأمومة, وبالتالي لا تدرك طبيعة مهمتها, وغير مؤهلة لأن تكون تلك المظلة التي يجتمع أبناؤها تحتها لاستنشاق رائحة المحبة والحنان, وتذوق طعم التعاضد والتعاون, وتحسس معاني الألفة والإيثار..?!
هذا التصور يمكننا إسقاطه على أي وزارة من وزارات الدولة, لأن الوزارة شخص اعتباري متكامل, وإقدام أية جهة فيها على إيذاء أية جهة أخرى, يعني أن الوزارة تؤذي نفسها, وهي غير محسودة على ذلك إطلاقاً, فأسلوب عملها لن يكون سوياً..!
والوزارة كالأم فعلاً, أمام شركاتها ومؤسساتها, إذ عليها أن تظل حريصة على مصلحة الجميع, وعدم القبول بإقدام جهة على إيذاء جهة أخرى.
إلا أن وزارة الإسكان والتعمير, كأنها- وبكل أسف- تقوم بالإمعان في إيذاء نفسها, حيث لا تزال متخلية- حتى الآن- عن ممارسة الأمومة والإشراف والوصاية على كل من الشركة العامة للبناء والتعمير, والمؤسسة العامة للإسكان, التابعتان لها..!
المؤسسة العامة للإسكان, تنكرت لأخوّة شركة البناء..! ففي الوقت الذي أثبتت فيه هذه الشركة كفاءة وجدية عالية في بناء مدينة الباسل العمالية في عدرا وفي الوقت الذي يضع فيه الفرع الإنتاجي, التابع لشركة البناء والتعمير, وباني هذه المدينة, كل تجهيزاته وآلياته المسخرة لمشروع المدينة وعلى أرضها, في حالة استعداد لمتابعة تنفيذ مخططات التوسع الجديدة, لاسيما وأن الشركة قد تلقت وعداً, تحول إلى اتفاق مع المؤسسة العامة للإسكان بتلزيم مشروع توسع المدينة, لشركة البناء.. في هذا الوقت, قامت المؤسسة العامة للإسكان بضرب الوعد والاتفاق عرض الحائط, وأعلنت عن مناقصة لتنفيذ أول توسع للمدينة, يضم 56 شقة سكنية مع تصاوينها..!
إن هذا التوسع من حق شركة البناء أن تنفذه, وإن لم يكن من حقها فهي الأولى بالتنفيذ, وبعقد بالتراضي, دون أي مناقصة حتى وإن كانت هاتين الجهتين لا تتبعان إلى وزارة واحدة, فكيف وأنهما ينضويان تحت مظلة هذه الوزارة?
إن كانت المؤسسة العامة للإسكان ( المدللة) قد ركبت رأسها هكذا.. فكيف لوزارة الإسكان والتعمير أن تقبل بمثل هذا التصرف الذي سينعكس سوءا عليها, لأنه يعني تقطيع السبل أمام ذلك الفرع لشركة البناء, إن بخسارة ترحيل الآليات والتجهيزات, أم بفقدان أهم جبهات العمل, وبالتالي هو مسعى فعال لإرباكات مالية وإدارية ضخمة, صار الفرع بانتظارها?!
أي أمّ تسمح لبناتها بمثل هذا الإيذاء..! وكيف لوزارة الإسكان والتعمير أن تستسهل إيذاء نفسها..?!
ما دام مشروع التوسع- أمام ما جرى- سيعطى للقطاع الخاص, فقد يكون أمام الأم وابنتها المدللة, وعود ذهبية..!! فمن يدري..?!