يتحدث النقاد عادة عن ( أفق توقع المتلقي) وهذا, ببساطة, يعني: إلى أي حد يتوقع الجمهور أن يشاهد عرضاً جيداً أو على العكس: عرضا رديئاً, وهو الشيء الذي يلعب دوراً هاماً في كيفية التلقي والتعميم..
بالنسبة ل¯ (الدبلوماسيون) فقد كان أفق التوقع واسعاً, فهناك أولاً, غسان مسعود الاسم الأكثر لمعاناً في المسرح المحلي, وكذلك تلك الأشهر الطويلة في التحضير والإعداد والشغل على وعلى.. ( حسب التعبير المفضل للمسرحيين), وتلك الأخبار الغزيرة التي ملأت الصحف مبشرة بعرض مسرحي خطير غير مسبوق.. كل هذا ساهم في تضخيم الخيبة, فبدا العرض باهتاً, فارغاً, ومع ذلك, صادماً كرشقة ماء باردة ومباغتة..
لا أستطيع التساؤل عما افتقده العرض, فالأسهل أن أتساءل عما كان موجودا في العرض:
- الكوميديا?.. صحيح لقد انتزع مسعود بضع ضحكات من الجمهور ولكن لا ننسى أن همام حوت أقدر على ذلك بكثير.
- الإسقاطات السياسية..?
لقد كان مسرح دريد لحام ( وهو مسرح يزدريه مسعود الجاد بلا شك)
أكثر براعة في لعبة الإسقاطات هذه (على سذاجة وفجاجة اسقاطاته بالطبع)..
- المغزى النبيل, الهدف السامي, الطموح الجاد?.. كلها مثل النوايا الطيبة لا يمكنها تبرير الفشل..
ما كان موجودا بالفعل هو مجرد طاولة بائسة وستة كراسٍ قابلة لل¯( يالها من تقنية مسرحية مبتكرة..!!) وستة ممثلين يكررون, بطريقة هوسية وعلى مدار ساعة ونصف, بضع عبارات وقفشات مضجرة.. ويبقى الاستهلاك هو سيد العرض بلا منازع:
أداء نضال سيجري المستهلك, واللعب المستهلك على اللهجات المحلية.. نكات مستهلكة.. والأهم: الحكاية الحاملة للعرض وهي حكاية مستهلكة تماماً منذ عقود طويلة..
لا أعرف إن كان غسان مسعود قد أعد هذه المسرحية عن قصة لتشيخوف أم لا, ولكن الواضح تماماً أنه أعدها عن مجموعة كبيرة من المسرحيات العربية لنجوم كوميديين, يحلو لمسعود ومريديه أن يصفوهم بالمهرجين..!
ألا يشكل هذا العرض مؤشراً مرعباً..? ألا يدل على أن المسرح السوري قد اجتاز الأزمة..? اجتازها بالفعل ولكن ليس إلى العافية, بل إلى الهاوية..