كما أكدت القيادة الصينية غير مرة وفي أكثر من مناسبة أن المسارين السوري واللبناني يعدان جزءاً هاماً في عملية السلام ولايجوز تجاوزهما ولايمكن إحراز أي تقدم في هذه العملية ما لم يكن السلام شاملاً وعادلاً ومتوازياً على جميع المسارات.
وفي السنوات الأخيرة عيّنت بكين مبعوثاً خاصاًَ لها إلى منطقة الشرق الأوسط للدلالة على رغبتها في تفعيل هذا الدور, فلم تكتف بالأقوال بل تعدتها إلى الأفعال وإلى بذل كل جهودها على أرض الواقع لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة.
وفيما يتعلق بما يسمى قانون محاسبة سورية وقرار العقوبات الأميركية ضدها رفضت الصين اعتماد سياسة الضغط والابتزاز في العلاقات الدولية وأكدت على ضرورة معالجة أي خلاف بالطرق السلمية, وعلى أساس المساواة والتشاور عبر القنوات الدبلوماسية.
ومثلما وقفت بكين ضد الحرب على العراق وطالبت بإنهاء احتلاله وإعطاء دور حقيقي للأمم المتحدة في إعادة إعماره, فإنها وضعت كل ثقلها لإعادة حالة التوازن إلى الساحة الدولية بعد أن حاولت واشنطن فرض سياسة القطب الواحد وتنفيذ هيمنتها على المنظمة الدولية وقراراتها.
لهذه الأسباب مجتمعة., ولثقل الصين في محيطها الاقليمي والدولي وتأثيرها على التكتلات السياسية والاقتصادية من خلال عضويتها بأكثر من منظمة إقليمية ودولية, ولمكانتها الدولية المرموقة كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي يؤهلها للعب دور أكبر في تطويق الأزمات العالمية, ولتبوئها مركزا اقتصادياً كبيراً على المستوى العالمي, فإن العرب مطالبون بتعزيز أواصر الصداقة معها وتمتين علاقاتهم الاقتصادية والسياسية مع هذا العملاق الكبير.
من هنا تأتي أهمية الزيارة التي يقوم بها السيد الرئيس بشار الأسد إلى الصين, وخصوصاً أن الموقفين السوري والصيني يتفقان على العديد من النقاط والقضايا سواء فيما يتعلق بالصراع العربي- الإسرائيلي وعملية السلام أو بإعادة السيادة إلى العراق وإنهاء الاحتلال الأنكلو- أميركي له بأسرع وقت ممكن وكذلك بضرورة إصلاح الأمم المتحدة واستقلال قرارها وإخراجها من تحت عباءة الهيمنة على دورها من قبل القوى العظمى.
إن الصين لاعب دولي كبير وهي كقوة سياسية واقتصادية عظمى تحاول توسيع علاقاتها مع بلدان العالم, ومن هنا فإن الزيارة تجسد الرغبة السورية الكاملة بالإفادة من التجربة الصينية وتمتين العلاقات مع بكين على قاعدة المصالح المشتركة, وحثها على لعب دور أكبر في عملية السلام يتناسب مع حجمها السياسي العالمي.