فقد تميزت السنوات الأربع الماضية ببروز مجموعة من الأحداث الخطيرة, والمخططات التي تستهدف وجود أمتنا وتهدد مستقبلها, وفي مقدمتها الاحتلال الأميركي- البريطاني للعراق واستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية, والإعلان الأميركي عن نية واشنطن تغيير الخارطة السياسية لمنطقتنا تحت ذريعة نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان.
ولما كانت هذه الأحداث وتلك المخططات قد نُفِّذت وتمت صياغتها طبقاً لمقاسات الشركات الاحتكارية في الولايات المتحدة, وبما يتناسب مع طموحات الكيان الإسرائيلي وأطماعه التوسعية على حساب الحقوق العربية, فقد كانت السنوات السابقة حافلة بالنشاط السياسي والدبلوماسي السوري لدرء هذه المخاطر وإبعاد شبحها عن الأمة العربية, وحل مشكلات المنطقة بالطرق السلمية.
فعلى الصعيد العربي, دعت سورية من خلال مؤتمرات القمة العربية ولقاءات الرئيس الأسد بالقادة العرب إلى ضرورة تفعيل العمل العربي المشترك, والخروج بصيغة عربية موحدة لمواجهة الأخطار المحدقة, وضرورة التمسك بالحقوق والمبادىء والمصالح العليا, وعدم التنازل عنها مهما اشتدت الضغوط وكبرت المؤامرات والتحديات.
كما بذل الرئيس الأسد على الصعيد الدولي جهوداً كبيرة لخلق مناخ مناسب لإقامة السلام العادل والشامل في المنطقة على أساس قرارات الشرعية الدولية, ولحل القضية العراقية بعيداً عن لغة الاحتلال والعدوان, وكان الحوار البناء مع حكومات العالم حول هذه القضايا هو الهدف الرئيسي للزيارات التي قام بها سيادته إلى لندن وباريس ومدريد وروما وبكين وأنقرة وطهران, مؤكداً أن ما يجري من مقاومة مشروعة في فلسطين المحتلة هو نتيجة طبيعية لسياسات إسرائيل العدوانية واستهتارها بالقانون الدولي.
وفي اتجاه العلاقات مع دول الجوار الجغرافي شهدت المنطقة انفراجاً كبيراً, ولا سيما في أعقاب زيارة الرئيس الأسد إلى تركيا, وبحثه مع المسؤولين الأتراك العلاقات السياسية والاقتصادية وقضايا المنطقة, مما أدى إلى تحول كبير في مسيرة العلاقات بين البلدين الجارين وفتح آفاق جديدة في إرساء قواعد الاستقرار في المنطقة.
ولا شك أن طبيعة المرحلة الصعبة التي تجتازها أمتنا العربية, والتي تغص بمشاريع الهيمنة ومحاولة فرض المشروع الأميركي- الإسرائيلي تحت مسمى (الشرق الأوسط الكبير) تحتاج من العرب اليوم وقفة تأمل, واتخاذ إجراءات فعالة للوقوف بوجهها, ومن هذه الإجراءات تفعيل سلاح المقاومة ضد إسرائيل ومقاطعتها, وتنفيذ القرارات التي اتخذها القادة العرب في قمة تونس الأخيرة.
ولا بد من مراجعة مفاهيم الأمن القومي العربي برؤية جديدة وأدوات جديدة, تتوازى مع خطورة ما يحاك ضد أمتنا العربية وحاضرها ومستقبلها.