نسبة مماثلة من الأميركيين, أكثر أو أقل بقليل, ووفق تفوق الرئيس بوش على نظيره كيري بثماني نقاط, يريدون أيضاً من رئيسهم المقبل أن يجد طريقة للخروج من النفق ذاته, ودون أن يحسب ذلك هزيمة في الحرب التي أعلنتها إدارتهم على العراق, بل وعلى المشرق عامة, منذ أكثر من عام ونصف!
وإذا ما جرى اعتبار الحرب على العراق مقياساً لمزاج الأميركيين وموقفهم, فقد يستوي الرئيس بوش ومنافسه كيري في الميزان لطالما أن أحدهما لديه طريقة الخروج من ذلك النفق بالنسبة إلى الأميركيين, ولعل هذا هو السبب وراء احتفاظ الرئيس بوش بتفوقه على كيري حتى عشية الانتخابات القادمة في غضون بضعة أسابيع, إذ لا يزال بوش يرى في الاحتلال والحسم العسكري سبيلاً للخروج من النفق, فيما لم تنل طريقة كيري (الأكثر ذكاء) إعجاب الأميركيين.
والمفارقة في اتجاهات الرأي العام الأميركي ونظيره البريطاني, وربما الغربي عموماً, أن موقفه من الحرب على العراق محكوم بسقف الموقف من الحرب على الإرهاب, فالأكثرية الغربية التي شرعت الحرب على الإرهاب شرعت تفاصيلها, ومنها تفصيل الحرب على العراق أو أفغانستان, في حين أن من رفض الحرب على العراق, لم يرفض بالضرورة الحرب على الإرهاب!!
ولأن مديري ومصممي الحرب على الإرهاب, حقنوها سلفاً بشحنة ثقافية دينية, تتصل بالوجدان العام والضمير الجمعي للناخبين, وجعلوها سقفاً لتفاصيل بدأت في أفغانستان ومرت بالعراق ويعلم الله إلى أين تصل أو تنتهي, فقد ضمنوا سلفاً حيازة الرأي العام لشعوبهم, نسبياً, إلى جانبهم, فيما ذهبوا يتلاعبون بالتفاصيل ويتفننون بترتيبها, ودون أن يغادروا بها دائرة التفاصيل?
هل يفسر ذلك إصرار الرئيس بوش على اللعب بورقة الحرب على الإرهاب غطاء دائماً لتفاصيل المأزق الأميركي في العراق, وبالتالي, مواصلة الإمساك بوجدان ناخبيه وضميرهم الأخلاقي إلى جانب حربه في العراق??
لن يتجرأ كيري على خدش وجدان الأميركيين برفض الحرب على الإرهاب, بل وحتى بتجاهلها, ولن يفعل ذلك بلير بالطبع, ولن تكون لديهما مشكلة بمواصلة اللعب تحت سقوفها, فهما في المحصلة مجرد مرشحين أمام ناخبيهم. المشكلة الحقيقية في الكثيرين الذين هم الهدف غير المعلن للحرب على الإرهاب, حين ينساقون إلى ولوج المصائد الثقافية لهذه الحرب والدوس طوعاً, وعن جهل, على ألغامها!!