إلا مسألة التوسيع المحتمل لعدد الأعضاء من دون الحديث عن وضع ضوابط جديدة لممارسات المجلس تحول دون إساءة استخدامه , أو حتى تطوير أدائه برؤية حيادية وموضوعية لا تخضع لرغبات الأقوياء ومصالحهم .
وفي إطار التوسيع المذكور قدمت مصر ترشيحها لشغل مقعد في المجلس بموجب نظام مداورة مع دولة اخرى , مثلما كانت قد سبقتها لهذا المطلب نيجيريا وألمانيا واليابان والهند, لأن هذه البلدان وجدت نفسها مؤهلة لتحمل مسؤولياتها استنادا إلى عدد سكانها ومساحاتها ومواقعها الجغرافية وثقلها السياسي في محيطها الإقليمي .
لكن وبغض النظر عن الفوائد التي يمكن للمجتمع الدولي أن يجنيها من فكرة التوسيع, سواء لجهة العدالة في التمثيل على مستوى الأمم والقارات , أم لجهة التصويت على القرارات الصعبة التي تؤثر على مستقبل الشعوب ومصالحها , فإن تطوير أداء مجلس الأمن لا يتوقف على تحقيق هذه الفكرة وحدها بل يحتاج الأمر الى تعديل عميق في آلية عمله, وهذا التعديل لا يمكن له أن يتم إلا في ظل التوافق بين القوى العظمى , ومثل هذا التوافق يبدو مستحيلا في وقتنا الحاضر في ظل الهيمنة الأميركية على قرار المجلس وتوجهاته العامة .
ولا نبالغ إذا قلنا إن مجلس الأمن لن يقوم بدوره الفعلي الذي وجد أصلا من أجله , وهو حفظ الأمن والسلم الدوليين , ما لم يكن مستقلا بقراره ومتحررا من السيطرة الأميركية على مشيئته, واعتباره مجرد غطاء يوفر الشرعية الدولية لتنفيذ الاستراتيجيات الأميركية في غرب العالم وشرقه.
أيضا فإن أخطر ما يواجه المجلس هو سياسة الكيل بمكيالين التي فرضها بعض الأعضاء الدائمين الذين منحوا أنفسهم مجالا للمناورة, أسوأ ما فيه ذلك التباين في التعامل مع القضايا الدولية كما هو الحال في تجاهل العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب العربي الفلسطيني وعلى الدول العربية, وكذلك تجاهل تهرب إسرائيل المتواصل من الالتزام بعشرات القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة وعدم إصدار قرار حازم لتفكيك ترسانتها النووية على غرار ما يفعله المجلس تجاه القضايا ذاتها مع بلدان أخرى.
كما يأتي تقييد استخدامات حق النقض (الفيتو) ووضع ضوابط جديدة لذلك في مقدمة أولويات الإصلاح المطلوبة وخصوصا أن هذا الحق أصبح سيفا أميركيا مسلطا على رقاب العرب خصوصا لإبطال مفعول أي قرار يدين إسرائيل أو يطالبها بتطبيق قرارات الشرعية الدولية .
لقد تحول مجلس الأمن إلى دمية بيد القوى العظمى ترتدي من خلال قراراته عباءة الشرعية الدولية وتنصب نفسها الغيورة رقم واحد على حماية القانون الدولي , ولن يخرج المجلس من أزمته ما لم ترفع هذه القوى يدها عنه.