ولهذا فمن الطبيعي أن تتوجه بلادنا نحو تعليم اللغات العالمية الحية والكمبيوتر بعدما حققت نتائج طيبة في مختلف أنواع التعليم واحتلت مواقع متقدمة عالمياً, والخطوة الأهم هي إدخال هذه المواد إلى صفوف المرحلة الابتدائىة لأن الطفولة المبكرة قادرة على التعلم بسرعة فائقة لكل شيء جديد.
وإذا كان الأهل متفائلين بتعلم أبنائهم اللغتين الإنكليزية والفرنسية معاً فإنهم في الوقت ذاته يأملون أن يكون هذا التعليم ناجحاً لا أن يكون عبئاً إضافياً على الجميع, ويخشون معه ألا يميز الطالب بين اللغتين أو أن يضطرهم لإدخال أبنائهم في دورات أو دروس خاصة.
ومن حق الأهل أن يطرحوا هذه المشكلة لكي يستطيعوا القيام بدورهم في المساعدة, خصوصاً في ضوء التجارب السابقة لتعلم اللغات في المدارس, حيث كان التعامل معها في تلك الفترة لا يرتقي إلى مستوى بقية المناهج.
وأما الآن فبات الشعور متبادلاً بين الأهل والإدارات التربوية بأنه لا خيار أمامهم سوى التواصل مع العالم الذي أصبح قرية صغيرة, فالإنترنت ووسائل الإعلام والاتصال والمعلوماتية كلها أصبحت بمتناول الجميع والوسيلة الوحيدة للتواصل هي معرفة اللغات الأجنبية واستخدام الكمبيوتر.
ومن حسن الحظ فإن مشكلة نقص مدرسي اللغة الأجنبية ولا سيما الفرنسية تم تلافيها من خلال معاهد إعداد المدرسين وقسمي اللغة الإنكليزية والفرنسية في كليات الآداب, إضافة الى إدخال هذه اللغات في دور المعلمين بشعبها الثلاث (عام-ريفي-رياض الأطفال) ورافق ذلك إعداد مناهج وكتب جميلة ومشوقة.
ومع هذا فإننا لا نلمس النتائج الطموحة على أرض الواقع, وإن كانت مقبولة ولكنها بصراحة أقل بكثير من الطموح..فبعض المعلمين ليسوا بالكفاءة المطلوبة خصوصاً في معالجة الأحرف الصوتية التي لا يوجد لها مقابل في لغتنا العربية..كما أن عدد طلاب الشعب بحدود 40 طالباً لا يسمح بإجراء تطبيقات واسعة تشمل كل طالب أكثر من مرة خلال الحصة الدرسية الواحدة.
ولهذا فإنه من المفيد طرح اقتراحات عملية قابلة للتطبيق لتحسين أداء تعليم اللغات الأجنبية, ومنها على سبيل المثال تخصيص دروس محادثة يقسم فيها الطلاب إلى مجموعتين وهنا لا نقول مخابر لغوية, إنما قاعتان عوضاً عن قاعة واحدة, ويمكن تزويدها بمسجلة بسيطة مع تعلم الجمل القصيرة وأحياناً الأغاني التعليمية, وبالمقابل طرح أشرطة كاسيت أو سي دي لكل كتاب في الأسواق بأسعار مناسبة ليستطيع الطلاب والأهل شراءها.
ونقول: الجميع يترقبون نجاح التجربة ومن الخطأ أن نترك المسؤولية كلها على وزارة التربية, فهناك جهات عامة وخاصة وشعبية يمكنها أن تبادر للتعاون وتقدم المساعدات..فما المانع-مثلاً- من تبرع الفعاليات التجارية والصناعية بأجهزة تسجيل وفيديو وغيرها طالما أن ذلك يخدم أبناء الوطن ويرفع شأنه.