أما عن مهرجان القاهرة فهو (دولي) كما تشير التسمية لكنه اهتم اهتماما عميقا بالسينما الإيطالية على وجه الخصوص وقدم -170- فيلما ليس أكثرها ولا أبرزها الفيلم العربي.
أما الفيلم العربي نفسه فهو لا يكاد يلامس القضايا الصميمية للوطن العربي.. أو الإنسان العربي. أليس هذا مستغربا في فترة نجرح فيها حتى العظم.. وتتفاقم الأحداث بشكل يطغى ليس على الأخبار بل على المصائر والأعمار?
حتى الأفلام الوثائقية أو شبه الوثائقية والتي أصبحت تلقى رواجا في العالم كله كانت شبه غائبة أو شاحبة.. وحتى أن التركيز على ما هو مهم للحياة العربية في ثوابتها أو متناقضاتها وفي مشاهدها المفرحة أو المحزنة لم يكن هو المحور الأساس.. بل هي القضايا الاجتماعية في دوائر فردية وضيقة إلى حد كبير.
وبما أن المرأة كمخرجة (وربما في الخفاء منتجة) أصبح لها ظهور أو حضور فقد كنا نأمل أن تكون المرأة الفنانة أو المبدعة هي التي تتصدى للمآسي العميقة التي تواجهها الأسرة العربية.. وآلاف آلاف القصص تنسج أحداثها على أرض فلسطين أو في العراق.. وربما على هوامش الحياة المضطربة في مناطق متعددة من بلاد العرب والمسلمين.. فلماذا?
نحن نحتاج إلى عدسات شفافة ومكبرة وتستطيع أن تجمع الأضواء في بؤرة واحدة حتى يراها الناس كل الناس.. أم أن التنسيق بين مهام الثقافة والفن والإبداع مع مستويات الحياة أصبح مفككا أو غائبا أو مفقودا?
ما أريد أن أقوله هو أن السينما التي هي الفن السابع كما يقولون يجب أن تكون مرآة صادقة تعكس واقعنا.. ونستطيع أن نصدره للعالم تأكيدا لهويتنا.. وتعريفا بمعاناتنا.. ورسم الصورة الواقعية التي تعيشها جماهيرنا العريضة لا أن نتوقف عند مشكلات نفسية معقدة أو أخرى سطحية وعامة أو عرض شرائح من المجتمع هي الأقل حضورا وفاعلية على حساب الجماهير العريضة التي تنتظر من الفنون جميعا والسينما خصوصا أن تجسد ما هي فيه.. بل وما تتوقعه من حلول.. أو ما يشرح لها بكثير من الصدق ما يروي عندها الفضول. وفن السينما ليس معزولا عن التاريخ أو العلوم الاجتماعية أو حتى النفسية منها بل إن على المؤلف وبالتالي المخرج أن يلجأ إلى هذه المساحات كلها ليدعم عمله السينمائي فلا يبدو وكأنه يدور في حارة ضيقة أو فراغ لا حدود له فيتساءل المشاهد: هل يمكن أن يحصل هذا? وكيف يحصل هذا? وأين يحصل هذا?
سينما.. سينما.. ويظل الأمل معقودا على هذا الفن الجميل.. الذي ينفق من أجله ما ليس بالقليل في أن يجذب الجماهير أكثر من الشاشات الصغيرة ليرى منها ولو أطيافا من مشكلاته الكبيرة.