لابد قبل الإجابة على هذين السؤالين المهمين من القول إن سلاح المقاطعة العربية لإسرائيل قد أصابه الكثير من الوهن والضعف في السنوات الأخيرة لأسباب عديدة أولها ذهاب العديد من الدول العربية إلى كسر جدران المقاطعة لإسرائيل بحجة عقد مؤتمر مدريد للسلام ,وآخرها ضعف الحجة العربية التي تطالب دول العالم الأخرى بمقاطعة إسرائيل بسبب سياساتها وعدوانها, لأن عواصم العالم وحكوماته ومنظماته كانت تقول على الدوام: كيف تطالبوننا بشيء لا تقيدون أنتم أنفسكم به!.1
وبين هذين السببين اللذين أوهنا هذه الورقة الفعالة وقفت مجموعة من العوامل الأخرى التي ساهمت في تصدع جدران المقاطعة كالضغوط الأميركية على الدول العربية والأحداث الخطيرة التي شهدتها المنطقة لتشكل سداً منيعاً في وجه الطموح العربي لتوسيع دائرة المقاطعة وتفعيلها.
لهذه الأسباب يأتي انعقاد المؤتمر على مدى الأيام الثلاثة الماضية مهماً للغاية لإعادة الروح إلى هذه الورقة التي أثبتت فعاليتها بشكل كبير على مدى امتداد العقود الماضية, وخصوصاً أن هذا السلاح وجد أصلاً لمعاقبة إسرائيل على اغتصابها للحقوق العربية ولمحاصرتها ورفد الصمود الفلسطيني بطرق شرعية أقرتها مواثيق الأمم المتحدة.
ولعل أكثر ما يجب أن يبحث عنه العرب اليوم هو العمل بهذا السلاح بطرق أكثر حيوية ودينامية, وأن يشمل مقاطعة ليس البضائع الإسرائيلية والشركات التي تدعم الكيان الإسرائيلي, بل مقاطعة كل المؤتمرات التي تؤيدها بعض القوى لإخراج هذا الكيان من أزمته الخانقة, مثل المؤتمرات الاقتصادية التي تنظمها لتجعل إسرائيل تتغلغل في المنطقة وتندمج في نسيجها.
كما أن على الدول العربية أن تقيم علاقات متينة وقوية مع المؤسسات والمنظمات والحكومات التي تستنكر الممارسات الإسرائيلية الوحشية وتستهجنها وترفض سياسات الاستيطان, وأن تتوسع هذه العلاقات لتشمل كل فرد عربي وكل منظمة عربية حكومية كانت أم أهلية وكل حزب وحتى الجاليات العربية في الدول الغربية والمغتربين القدامى, وألا يفكر أحد بالتخلي عن هذه الورقة حتى تذعن إسرائيل لكل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالصراع في المنطقة, وأن يدرك الجميع أن سلاح المقاطعة هو سلاح شرعي وسلمي واستخدمته معظم دول العالم للدفاع عن قضاياها العادلة.
وعلى العرب أن يدركوا جيداً أن المهم ليس هو اجتماع لجان المقاطعة بحد ذاته, وإنما تنفيذ توصياتها واقتراحاتها والتزام جميع الحكومات العربية بها دون استثناء, وليس الذهاب إلى العكس تماماً, أي كسر جدران المقاطعة والدعوة إلى نقيضها أي تطبيع العلاقات مع كيان لا يزال يحتل الأراضي العربية وينتهك المقدسات العربية ويغتصب الحقوق العربية.