تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الاحد 12/12/2004م
محمد علي بوظة
الاعترافات الإسرائيلية والأميركية الأخيرة باستهداف المدنيين في كل من فلسطين والعراق, والقتل الهستيري المنظم للآلاف منهم في الحرب المستعرة والظالمة على الجبهتين,

وبأي صيغة جاءت, سواء على سبيل التباهي من الطرف الأول ممثلاً برئيس الأركان موشي يعالون, الذي أقر بأن سبعين بالمئة من الفلسطينيين الذين قتلهم الجيش الصهيوني هم من المدنيين, أم بواقع عقدة الذنب لدى عسكريين فارين من الخدمة في الجيش الأميركي, أدلوا بشهادات لدى سلطة الهجرة الكندية من أمثال السرجنت جيمي ماساي والجندي جيريمي جنزمان, تختزل المشهد على الساحتين الفلسطينية والعراقية, وترسم صورة سوداوية قاتمة وخطيرة للأوضاع في المنطقة, المندفعة بواقع المشروعين الأميركي والصهيوني في اتجاهات أكثر تدهوراً وتعقيداً وتفجراً وانفتاحاً على المجهول.‏

هذه الاعترافات التي أتت عشية الاحتفال باليوم العالمي لإعلان حقوق الإنسان, وبالتزامن مع ضغوط تمارس في بريطانيا من قبل شخصيات بارزة, وعسكريين سابقين ودبلوماسيين وأساقفة وفلاسفة ومحامين على حكومة طوني بلير, لإجراء تحقيق مستقل في عدد القتلى والجرحى بين المدنيين العراقيين بسبب الحرب, والمقدرة أرقامهم حسب دراسة نشرتها المجلة الطبية /لا نسيت/ في شهر تشرين الأول الماضي بمئة ألف قتيل منذ آذار العام 2003 أغلبهم من النساء والأطفال, وبمعزل عن الإحصائيات اللاحقة في الفلوجة والعديد من المدن العراقية الأخرى, التي استباحتها القوات الأميركية الغازية وحولتها إلى خراب, ومع تواتر الأنباء عن استمرار آلة الموت الإسرائيلية في المواكبة بذبح الشعب الفلسطيني وإبادته, تشكل إدانة صريحة ودامغة لتل أبيب وواشنطن وحلفائها وللحرب العبثية المدمرة التي تقودها في المنطقة, وتفضح زيف الشعارات والذرائع التي سيقت وتساق لخوضها, وتؤكد أن الأسباب والدوافع الحقيقية هي محض صهيونية وأطماع وأشياء أخرى غير أسلحة الدمار الشامل.‏

لقد أغرقت المنطقة وبواقع المشروعين الأميركي والصهيوني في بحر من الدم والحرائق, وتحول جيش الدولة العظمى والأقوى في العالم, وللأسف الشديد, شأنه شأن الحليف الإسرائيلي الجاثم على أرض فلسطين, بعدته وعديده إلى جيش من القتلة وصيادي البشر وعامل فوضى واضطراب وحروب واغتيال وتدمير للحياة, يستسهل الموت والإلغاء للآخر والاستباحة لكل ما حرمته الشرائع والقوانين, وبانتهاك صارخ وقياسي للمواثيق الدولية وحقوق الإنسان لم يعرف التاريخ البشري مثيلاً له, يساير العقيدة التوراتية ويرفدها ويستكمل مشروعها وأطماعها ونزعتها في تقويض السلام ونسف أسسه ومرتكزاته.‏

إزاء كل ما تقدم وحيال شهادات واعترافات صريحة هي بمثابة وقائع وأدلة وقرائن دامغة وإقرار للمجرم بجريمته, لا نرى مندوحة من تكرار الدعوة للمجتمع الدولي بأسره لإعادة النظر في سياساته ومواقفه, وإجراء محاكمة سريعة تعزل وتطوق تجار الحروب وتسحب البساط من تحت أقدامهم, وتعري ديمقراطيتهم الكاذبة, تلك التي تجيد صناعة وتصدير الموت والخراب, وتحترف الجريمة المنظمة ومصادرة حريات وإرادة الشعوب وقهرها, والتطاول على الشرعية الدولية وقراراتها, أكثر مما تجيد صناعة السلام والأخذ بخياره, والإسهام في توطيد دعائم الأمن والاستقرار في هذا العالم المضطرب والفاقد التوازن.‏

وإذا كانت أرقام الضحايا للسياستين الأميركية والصهيونية في هذه المنطقة وغيرها وهي حتى الآن بالملايين ومئات الآلاف, وضخامة وفداحة الكوارث والمآسي التي تسببتا بها, لا تكفي لأن تحرض وتستنفر الرأي العام العالمي وقواه المؤثرة والفاعلة المحبة للسلام, وتعبئ جهودها جميعاً في اتجاهات ضاغطة وحازمة تكسر حالة التفرد والمجون, وتلجم اندفاعة العدوان والحماقات العسكرية الآخذة بالتصعيد والترهيب, وتعميم سياسة الموت والاغتصاب والاغتيال المنهجي المتواصل لفرص السلام, فأخشى ما نخشاه أن يفوت الوقت ويتحول العالم نحو سياسة المجابهة والحروب وحرق الأصابع وإلى غابة يفترس فيها القوي الضعيف, وتضيع في ظل قوانينها حقوق الشعوب..‏

 

 محمد علي بوظة
محمد علي بوظة

القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30395
القراءات: 30384
القراءات: 30388
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30388
القراءات: 30386
القراءات: 30386
القراءات: 30382
القراءات: 30389
القراءات: 30384
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30394
القراءات: 30386
القراءات: 30383
القراءات: 30386
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30384
القراءات: 30392
القراءات: 30386
القراءات: 30386
القراءات: 30383
القراءات: 30384
القراءات: 30388
القراءات: 30388
القراءات: 30399
القراءات: 30386
القراءات: 30388
القراءات: 30388
القراءات: 30384
القراءات: 30383
القراءات: 30386
القراءات: 30382
القراءات: 30399
القراءات: 30388
القراءات: 30382
القراءات: 30385
القراءات: 30386

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية