لكل أمر ناموسه وقوانينه فإذا خرج به عنها كان فاسدا.
لكن..
على الرغم من ذلك, لانستطيع أن نقول: إن تعبير فساد يعادل تعبير (خارج عن القانون مثلا..).. الفاسد, خارج عن القانون فعلا, لكن لايطابق الوصف الموصوف بدقة.
بشكل ما, اتجه تعبير الفساد إلى الذين يستغلون المواقع والرشاوى لتجاوز القوانين وخدمة المصالح الشخصية على حساب العامة.. وبشكل مختصر فإن أقرب تعبير للفساد هو السرقة.. والفاسدون لصوص.
والفساد دمغة عالمية شديدة الانتشار, دون أن يخفف ذلك شدة خصوصيتها وكثافة لونها عندنا.. لكن هذه الدمغة في كثير من مواقع الدنيا استلمتها أيد غير أمينة.. فوظفتها إما سياسيا وإما عراكيا لدحر خصومها.. فاختلطت الأمور إلى درجة أن يكون حامل الختم المنهمك بتسجيل الدمغة هو أكثر فسادا من الضحية بين يديه, وهذا منتشر عندنا..
لذلك سجل الأدب الشعبي الحساس تعبيرا يقول:
(من سيحاسب من..?!..).
إنها دمغة شعبية لواقع فسد معظم ما فيه.. حتى أصبح الفساد رديف (الشطارة).. والأخطر في الأمر عندما تكون الدمغة جاهزة لإدانة أبرياء لأنهم أبرياء (فقط)..
أما دمغة الفساد لأسباب سياسية فهي شديدة الانتشار في كل أروقة العالم.. تحجب عن أشخاص لأسباب سياسية, وتفرض على أشخاص لأسباب سياسية..
أُدين صديق ورفيق وشريك بيرلوسكوني رئيس وزراء ايطاليا, أُدين بالفساد والعلاقات مع المافيا.. وبرىء السيد بيرلوسكوني .. علما أنه منذ جاء إلى الحكم من شوارع المال والصفقات, وصدور تتنهد وتزفر بقوة تريد أن تقول ولا تقول..
أدينت شركات وأعمال ديك تشيني وبرئ هو.. فالدمغة ولأسباب سياسية لن تصيب لا هذا ولا ذاك.واذا ماكشفت حقائق ما يجري في العراق ويخفيه عن الآذان صوت الانفجارات ويخفيه عن الأعين الدخان المتصاعد منها- أعني ما يجري بنفط وعقود إعمار العراق ونهب ثروات العراق- لصابت الدمغة مواقع خرافية في أهميتها من الكابيتول إلى تمثال الحرية..لكن السياسة لا تسمح اليوم !!
خريطة الفساد يجب أن تقرأ اليوم في الشرق الأوسط لأسباب سياسية ونحن سعيدون بالأولى تعيسون بالثانية..سعيدون أن تكشف أوراق الفساد عندنا.. حتى دون ورقة التوت, حزينون أن تدار المسألة وتحدد الخريطة لأسباب سياسية !?
منذ فترة وحتى اليوم ثمة تلويح بشبح الدمغة يتجه إلى الأمم المتحدة, وتحديدا إلى السيد (كوفي أنان) الأمين العام للأمم المتحدة.. والموضوع لم يعد همسا,و لا تلميحا ,بل تصريحا.. ثمة ما يقال اليوم عن إدارة الأمم المتحدة لأموال نفط العراق ما قبل الغزو والاحتلال الأميركي الذي تجرأ السيد أنان فأدانة أكثر من مرة, ولبرنامج النفط مقابل الغذاء..
ويحمل الدمغة- ويتجه بها لدمغ الأمم المتحدة والسيد أنان - متشددون جمهوريون هم من أكثر أهل الأرض فسادا ..
لماذا..?!
لن يربح أي جائزة الذي يجيب.. فالأمر بسيط و بغاية السهولة, لقد خرج ولو بهامش بسيط وخطوات ضيقة السيد أنان عن الخط الأميركي- ربما الإسرائيلي أيضا فكان التحدي .. وهذه المرة بدفعة الفساد.
فإن نُفذت نواياهم.. كانت نهاية أنان أسوأ بكثير من نهاية سلفه الدكتور بطرس بطرس غالي.. الذي تجرأ على رغبات إسرائيل ونشر تقرير (قانا) . هل هي نهاية الأمم المتحدة ..?!