وتقرن مطالبتها بضرورة إعطاء الأولوية لانسحاب قوات الاحتلال من العراق, يسارع أقطاب الإدارة الأميركية الى التمسك بالموعد المذكور وتقديم الحديث عن قضية الانتخابات على أي قضية أخرى .
وفي كل مرة تطالب فيها بعض الأطراف العربية أو الدولية بتبني موضوع التأجيل لكي يتسنى تحقيق إجراء انتخابات حرة ونزيهة وفي ظروف مؤاتية ينعم العراقيون في ظلها بالأمن والسيادة والاستقلال, يسارع المتحدثون باسم الخارجية الأميركية الى رفض الفكرة رغبة منهم في رؤية عراق ( حر وديمقراطي!) في أسرع وقت ممكن .
فما سر الاهتمام الكبير بقضية الانتخابات دون سواها من قضايا الاحتلال ونتائجه الكارثية على الشعب العراقي ?!.
بعيداً عن الاجتهاد في التحليل لأبعاد هذه المواقف الأميركية الحريصة على الإسراع بموضوع الانتخابات وخلفياتها فإن أجندة الاحتلال الأميركي للعراق وأهدافه الاستراتيجية المعلنة ,وممارساته بحق الشعب العراقي, وتكرار تجاربه العسكرية الدامية والمأساوية من مدينة عراقية إلى أخرى على نحو ما حدث في الفلوجة والرمادي والموصل ومايجري في كل أنحاء العراق تؤكد جميعها أن الولايات المتحدة ليست معنية ببناء عراق حر كما تروج ,ولو كانت جادة في ذلك فعلاً لكان الأجدر بها أن تعلن عن انسحابها من العراق وتضع جدولا زمنياً لانسحاب قواتها المحتلة من هناك .
فهذا الإصرار الأميركي على إجراء الانتخابات في ظل الاحتلال يؤكد أن واشنطن لاتريد إعطاء الفرصة الحقيقية للشعب العراقي لكي يقرر خياره الوطني ويختار نظ¯امه السياسي ومن يحكمونه دون ضغوط الاحتلال وإملاءاته وشروطه وإشرافه ونفوذه , وإنما تريده شعبا مكبلاً بقيود الاحتلال ومعاهداته واتفاقياته التي أنجزها حتى قبل الغزو بزمن طويل .
وهذا الإصرار الأميركي على ابتلاع العراق أكده من جديد تقرير مقدم للرئيس بوش من قبل وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين احتوى على توصيات عديدة جاء فيها أن أميركا لم تقم بغزو العراق حتى تنسحب منه, ولكنها ذهبت من أجل مصالح وأهداف معينة يجب على الإدارة الأميركية أن تحققها ,وأوصى التقرير بعدد من الإجراءات لتنفيذ هذه الأهداف وفي مقدمتها إجراء الانتخابات تحت حراب الاحتلال.
ووفقا لتوصيات الخارجية والدفاع فإن على إدارة بوش أن تسهم في تحديد معالم النظام السياسي المستقبلي في العراق ,وأن تقيم قواعد عسكرية ضخمة على أراضيه, وأن تفرض على حكومته القادمة سلسلة من الاتفاقيات تشمل قضايا النفط والثروات المعدنية وتحرير التجارة بين البلدين , وباختصار تحويل العراق الى منطقة نفوذ أميركي مطلق ومرتكز لبسط هذا النفوذ على ( الشرق الأوسط الكبير ) تحت عناوين ( الدمقرطة وحقوق الإنسان ) التي ظهرت معالمها (الحضارية !) في تدمير الفلوجة , فهل عرفنا سبب الغيرة الأميركية على الإسراع بالانتخابات ?!.
ahmad
">h@ureach.com