كون تلك المنظمة - أي منظمة الشفافية - تريد للناس أن يعيشوا في جزر من النزاهة والشفافية بعيداً عن الفساد المالي والإداري المنتشرين في غالبية دول العالم ,وخاصة في دول العالم الثالث ونحن منها , وعجز المؤسسات الرقابية عن محاسبة هذا ( الغول) الذي بات يلتهم ليس فقط جهود التنمية بل كل جهد تطويري, حتى بتنا متأكدين أن للفساد وللمفسدين شبكات متشعبة الأطراف والجهات, منها حكومية ومنها ماهو غير حكومي تشارك هؤلاء الفاسدين في ممارسة فسادهم في المؤسسات والوزارات التي يديرونها ,حتى بتنا نتشوق سماع محاسبة أي منهم ولو شكلياً .
قد نستغرب أن يخصص يوم عالمي لمحاربة الفساد والمفسدين تقره الأمم المتحدة كونهما يعرقلان عملية التنمية , ويؤزمان المشكلات الاجتماعية.
وقد نستغرب أيضا أن مقدار المبالغ المدفوعة كرشاوى في صيغ متعددة / رشاوى نقدية عينية - إبرام عقود - نهب وسلب المال العام وفق الأنظمة .. إلخ / وصل الى ألف مليار دولار حسب ما أشارت إليه المنظمة العالمية للشفافية , وطبعاً بلدنا يدخل في هذه الحسابات لكثرة الفاسدين في مؤسساتنا العامة وخاصة الاقتصادية وبطرق مقوننة.
بطبيعة الحال مخاطر الفساد عندنا وعند غيرنا من الدول تتعدى الحدودية الفردية, كون ممارسوه هناك من يحميهم ويدافع عنهم من المسؤولين وصناع القرار , حتى ينتابنا شعور بالإحباط تجاه مناقشة هذا الموضوع وهنا نسأل :
لماذا تبدو الأمور تجاه محاسبة الفاسدين على ما هي عليه منذ سنوات مع العلم أن الحديث يطول منذ فترة حول هذه المسألة وضرورة محاسبة مرتكبيها ?!
وبالتالي كيف يمكن إصلاح تلك الأمور على الرغم من التأكيد على ضرورة وضع الخطوات الفعلية لإنهاء هذه الحالة من خلال تطوير النظم الإدارية والاقتصادية وإصلاحها , وتأهيل الكوادر الكفوءة التي يمكنها أن تكون بديلة للإدارات الحالية التي نستطيع القول عن غالبيتها في هذه المناسبة أنها غارقة بالفساد وقد أشرنا في اكثر من زاوية الى بعض المؤسسات الاقتصادية التي تمارس إداراتها الفساد, الأمر الذي جعل من هذه المؤسسات إقطاعيات للمديرين العامين .
في كل الأحوال الفساد الذي مر يومه العالمي قبل أيام لم يكن محطة حقيقية تم من خلالها تبني محاربة الفاسدين ومحاسبتهم , وكنا نتمنى نحن في سورية أن تصدر الحكومة في هذا اليوم قرارات جريئة تحاسب من خلالها كل الفاسدين في مؤسساتنا العامة وخاصة الاقتصادية منها , لكن على مايبدو أن أمنياتنا شيء والواقع شيء آخر , وطالما الأمر كذلك نتمنى على الأمم المتحدة أن تحدد يوماً عالمياً ل¯ ( النزاهة ),هذا المصطلح الذي بات أضعف المصطلحات كونه بات حالة خاطئة من قبل ممارسيه على الرغم من حالة الشفافية التي تتمتع بها كلمة (النزاهة) تلك ..
إننا بحاجة ماسة لممارسة الشفافية التي يحاسب من خلالها كل الفاسدين الذين استغلوا مواقع عملهم وليكن اليوم العالمي لمحاربة الفساد مقدمة لاتخاذ الإجراءات الكفيلة للحد من هذه الظاهرة الخطرة على التنمية وتطورها .