والواقع ان القانون الجديد انما هو تعديل للقانون السابق فحسب, تعديل يعيد الحقوق التي اهدرها او تجاهلها القانون السابق , ويؤسس لتساوق مبرمج بين الرواتب والاجور من جهة وبين غلاء المعيشة من جهة ثانية, ولم يكن مطلوبا من الحكومة او من المشرع اكثر من ذلك, اما خيبة الامل فمصدرها مادرجنا عليه من مفاهيم العمل وعاداته, حيث نطالب بكل الحقوق, ولانقدم, حتى الجزء اليسير من الواجبات.
في الغرب الذي يجلس المتشائمون والناقمون في المقاهي والمضافات عندنا, ليتغنوا بقوانينه والحقوق التي يمنحها لعماله يعمل الناس هناك من العتم الى العتم, أي من قبل بزوغ الشمس وإلى ما بعد مغيبها, وينتج العامل هناك انتاجا حقيقيا, يعادل عشرات الاضعاف مما ينتجه العامل عندنا وفي كل قطاعات الانتاج والخدمات سواء بسواء, ودون اضاعة أي وقت في السمسرة او الارتزاق او المحاباة, ويحاسبون حسابا عسيرا لقاء أي تقصير او اهمال.
ولئن اختلفت شروط العمل ووقائعه بيننا وبينهم , فقد انتفت المقارنة وسقطت مشروعيتها, وصار علينا ان نناقش الامور على خلفية نظرية بحتة تقول ان ميزان الحقوق والواجبات في قوانين العمل ينبغي ان يكون متوازنا, فالذين يطالبون بالحقوق عليهم ان يقدموا واجبات موازية, والا فالميزان خاسر لامحالة, والدولة ليست (تكية) توزع الخيرات مجانا , بل ان لها الحق في الاخذ كي تتمكن من العطاء !!
لانمالئ الحكومة ولا مجلس الشعب اذا قلنا إن النسخة الجديدة من قانون العاملين تلبي متطلبات المرحلة الراهنة والمنظورة من عملية التطوير, وتتناسب مع مقادير الواجبات التي يبذلها العاملون وحجوم انتاجهم , ولاسيما المواد من القانون المتعلقة برفع سقوف الرواتب والاجور ومنح التعويضات على اساس الراتب الراهن .
علينا ان نعمل اولا كي نقبض , لا ان نقبض اولا ومن ثم نعمل , واسألوا من سبق له العمل في احدى دول الغرب ?