وربما قطع مراحل مهمة , ثم يتبعها توقف - طال في بعض الأحيان - ومازال مستمراً في بعض المشروعات , دون ان يتم الانتهاء من تشطيبها وإنجازها وإدخالها مجال الاستثمار الانتاجي أو الخدمي .
ولايخفى أن خسارتنا هنا مضاعفة ومتعددة الاتجاهات ,فبداية نخسر قيمة التمويل المخصصة للمشروع ونخسر مشروعاً آخر حرم من التخصيص بالتمويل , إضافة الى الخسارة في عدم استثمار المشروع المنفذ , وأخيراً الخسارة الكبيرة المتمثلة في هدر مبالغ كبيرة لم يجر تدويرها وبالتالي لم تدخل في حسابات الموازنة ,الأمر الذي يخرجها من دائرة التأثير والفعل الاقتصادي المنتج , وليس أكثر صعوبة وتأثيرا من إخراج كتل مالية كبيرة خارج عملية تدوير رأس المال الفعال ,الأمر الذي مارسناه ومازلنا نمارسه في كثير من الحالات.
وليست سوء النوايا سببا واحداً أمام هذه الحالات ,لكن الجهل والتهور قد يدفعان أحياناً لتلك النتائج التي لاتختلف في نهايتها عن سوء النوايا في المحصلة.
وكثيراً ما يتم إقرار مشروعات لاتمتلك الجهات التي تملكها مصدراً يكفي لتمويلها ولاتملك تصوراً لتأمين تمويل يضمن إنجازها ,وأحيانا تقصر الجهات المنفذة عن القيام بواجبها لدواع كثيرة ليس أقلها تغير الأسعار وارتفاع التكاليف وتأخر التنفيذ والوقوع في خسائر متزايدة .
وأحياناً تلجأ بعض الجهات الإدارية الى إقرار مشروعات لا تملك تمويلاً كافيا لها لكنها تمتلك أملاً يدفعها للاعتقاد أن وضع حجر الأساس لتلك المشروعات قد يحرج جهات وهيئات تنفيذية عليا , ويرغمها على متابعة المشروعات التي قد لاتكون ضرورية في توقيتها ومكان تموضعها لكن إقرارها كان محكوما بعوامل التشبه والتماثل والنقل والاستنساخ .
وتشهد محافظاتنا كافة منشآت وأبنية منفذة بنسبة قريبة من الانتهاء لكنها مازالت مغلقة يملأ الغبار جنباتها , وتخرب الرياح زواياها وهي تنتظر ربطا من شبكة ما أو إغلاقا لمدخل أو شقا لطريق أو طلاء لجدران , أو تركيباً لتجهيزات ,يمكن ان تكون بعدها هيئة تستوعب عددا من العاملين كما يمكن ان تكون مشروعا مرشحا للتوسع والتطوير وزيادة الانتاج.
والحق أننا لم نعد قادرين على تحمل المزيد من تلك الخسائر في وقت تطرح فيه أفكار ونوايا تطالب بوجود دراسات موضوعية بعيدة عن الارتجال والمزاجية, نضع أسسا ونواظم منطقية لجميع المشروعات والبرامج بحيث تكون فوائدها اكثر عموما ونفعاً ,وتبتعد عن الهدر والضياع وأسبابهما..