صورة وحيدة.. يدب على أربع, لكن رأسه مرفوعة, يكاد قوس الفم يلتقي مع قوس العينين من عمق الضحكة الصافية الرقراقة.. لكن أصحابه لم يلبثوا أن رجموا ذكرياته بالهزء والسخرية: ألم تجد سوى المزابل تصطحب أسرتك إليها للتصييف? هل تجد أن أكوام القمامة أوابد تستحق التثبيت حتى ترمي ابنك بين ظهرانيها? صحة! هل التقط الولد ما يسد الرمق?
سيل سخرية أيقظ الأب من جزر النظر بسبب من مد الحب.. لم يلتقط من الصورة سابقا إلا وجه الابن البسام ونظرة الامتنان قرب النبع المشهور.
عدت إلى المنزل أتأمل صورا أردت منها تثبيت لحظاتنا الجميلة.. نعم إنها اللحظة التي اكتشف فيها طفلي قدرته على إقامة مسابقة جري مع الأوز في حديقة التجارة.. لقد ثبت تلك اللحظة. لكن يا للبشاعة التي لم أفطن لها قبلا.. أحواض المياه التي يفترض أن تسبح فيها الطيور ليست أكثر من مستنقعات راكدة لا ينبت إلا فوارغ العبوات البلاستيكية والمعدنية.
ربما المنشود صورته وهو يتدرب على ركوب الدراجة في حديقة الشهبندر.. مرة ثانية كانت الخلفية شوهاء... رسوم جدارية لونت ذات مرة بقطع الموزاييك, لكن أيدي العابثين أو عوامل الطبيعة جردت المنحوتة من أحجارها, وما كان يفترض به سبيل ماء بات مكبا للفضلات.
هو البحر إذا, على ماذا كنت أزهو بصيده الذي أنتشله من الرمل: في يد قطعة زجاج وفي الأخرى عقب سيجارة.
ألن يردد أطفالنا يوما: صورنا, شو تعبوا أهالينا لأخذوها, لكنها لا تساوي شيئا.