تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

االخميس 23/9/2004
علي قاسم
لم يكتف رئيس الحكومة الإسرائيلية برفض خارطة الطريق, بل أيضاً بتعميم على وزرائه يمنعهم من الحديث عنها, والأكثر رفض أن يرتبط أي إجراء مهما كان بتلك الخارطة التي تاهت فيها الاتجاهات والمواقع وحتى الحدود.

وإذا كان الانسحاب من غزة الاسطوانة التي أراد من خلالها تجييش المواقف والاهتمام لحجب الأضواء عن ممارساته الدموية, فإن إشارة البدء بتنفيذ ذلك الانسحاب في هذا التوقيت حملت أكثر من معنى, ووجهت أكثر من رسالة, أقلها تلك المتعلقة بتداعيات الحديث المبهم عن استجابات لفظية لبعض المطالب الشكلية.‏

واللافت أن الخطوة التي لم تثر اهتمام الكثيرين لا قت صداها لدى المستوطنين الذين لم يترددوا في توجيه التهديد لحد القتل لشارون, وحيث تعكس بعداً آخر للعقل الذي انتجه الفكر الصهيوني.‏

فالحدود المعتادة للتعاطي مع السياسة الإسرائيلية, درجت على قراءة الردود الخارجية وانعكساتها على الوضع السياسي للمنطقة, دون أن يلتفت أحد إلى مساحة تفاعلها في الوسط الإسرائيلي, من منطلق أن التفاعلات ستبقى في إطار التفاهم على الأولويات.‏

وكانت العقود الماضية بامتداداتها المختلفة تشهد تبايناً في بعض الطروحات, ولكنها في أغلبها تتحرك باتجاه المزايدة في تبني تلك الطروحات, ومارس شارون الدور ذاته, وكان يجسد في سياسته ذاك الطيف المتقدم في تطرفه إلى أن أضحى اليوم وفق حالة التهديد تلك مستهدفاً لأنه لم يرضِ غرور الإسرائيليين, ولم يستجب لرغبة التوسع التي تتورم لدى أغلبهم أو الشريحة الأوسع بينهم.‏

وما دام الفهم السياسي لتلك المسألة ينطلق من اعتبارات الرضوخ لكل ما يخدم مشروع التوسع والعدوان, فإن التباين الذي شهدته عملية قتل رابين تستحضر تفاصيلها, وإن كان في اتجاه آخر يتغير ويتبدل وفقاً لمعطيات التعطش الإسرائيلي للقتل, عبر الإدمان على ما تقترفه قوات الاحتلال من فظائع في الأراضي العربية المحتلة.‏

واللافت أن تبدلات المشهد لا تقتضي بالضرورة تغييرات في سيناريو البحث عن بدائل لشارون كانت قد أشارت إليها تفاعلات داخلية إسرائيلية منذ وقت طويل.‏

واليوم عندما يفرج شارون عن آخر بدائله الشخصية للخروج من حالة الإفلاس يدرك أنها آخر الفرص المتاحة, بل ربما كانت آخر المشاهد التي يحركها قبل أن يعلن المشروع الصهيوني ذاته عن استبداله بعد أن استهلكه إلى الحد الأقصى.‏

ويتوازى ذلك مع إشارات بالغة الدقة والدلالة, صدرت من واشنطن وتتحدث عن ضرورة إحداث تغيير في الهيكلية التي أنتجت ذلك المشهد من حالة التماهي الإسرائيلي-الأميركي على خلفية الاعتقاد بأن التدحرج الصاخب لتداعيات الحرب على العراق لم يتوافق مع ما كان يعده ويخطط له.‏

لذلك كانت إشارة الرئيس بوش إلى ضرورة وقف الاستيطان, وإذا كانت هذه الإشارة ذات بعد آني ودعائي في وقت حرج يشهد تدافعاً في حلبة السباق الانتخابي الأميركي, فإنها قد تستخدم لأبعد من ذلك, ولو أنه قد فات أوانه.‏

 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 30398
القراءات: 30393
القراءات: 30386
القراءات: 30387
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30387
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30387
القراءات: 30392
القراءات: 30390
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30391
القراءات: 30392
القراءات: 30389
القراءات: 30394
القراءات: 30386
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30391
القراءات: 30387
القراءات: 30386
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30386
القراءات: 30393
القراءات: 30386
القراءات: 30384
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30390
القراءات: 30385

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية