هل يريد الأميركيون حقاً إقناع العالم أنهم بصدد تكريس مشروع سياسي ديمقراطي في العراق, أم أنهم يمهدون لتسويغ مشروعهم الاحتلالي فيه??.
وإذا كان ما يدعونه من تدخلات خارجية قادرة بالفعل على حرف الانتخابات العراقية المقبلة عن نزاهتها وحيادها رغم السيطرة والإدارة الأميركية الكاملتين لها, ورغم الحضور الأميركي المباشر, السياسي والعسكري في هذه الانتخابات, فإن الأميركيين أعجز من أن يكرسوا أي مشروع سياسي ديمقراطي أو غير ديمقراطي في العراق طالما أنهم عاجزون عن إجراء جولة انتخابية آمنة واحدة!!
ولأن المشكلة الحقيقية هي في الفيل نفسه وليس في ظله, أي في الاحتلال الأميركي للعراق وليس في ما يدعونه من تدخلات خارجية هي أشبه بالهلوسة منها بالوقائع, فإن من مصلحة الفيل أن يواصل اختلاق الظلال وتشتيت الأنظار بينها, فيدعي القدرة والاقتدار حين يتصل الأمر بالظلال, ويدعي العجز والبراءة حين يتصل الأمر بوطأته الثقيلة على الأرض التي ييحتلها ودوسها.
ثم إن أي عملية سياسية ديمقراطية حقيقية, وأي انتخابات نزيهة محايدة, ليست في الواقع من مصلحة الأميركيين, إذ ليس ثمة شعب حر ولا ديمقراطية حقة, يقبلان بالاحتلال وسيطرة الأغراب, ونتحدى أن يقدم الأميركيون نموذجاً واحداً من التاريخ لشعب ظل حراً تحت الاحتلال, أو لديمقراطية واحدة عاشت في ظله وظلت ديمقراطية.
إن عملية سياسية ديمقراطية حقيقية, وبالتالي, انتخابات نزيهة وحيادية في العراق, هي رغبة وحرص سوريان, لأننا موقنون من أنها ستنتج »لا« كبيرة جداً في وجه الاحتلال!!
ليس هناك تدخلات, لا خارجية ولا داخلية, اللهم إلا التدخل الأميركي الذي لا يؤجل سلام الشرق الأوسط فحسب, بل وسلام العراق والمنطقة العربية كلها, وعجز أميركا لا يكمن في تحويل العراق إلى واحة ديمقراطية بل في تفصيل ديمقراطية يرتديها العراقيون تحت عباءة الاحتلال!!.