وطالما أتينا على ذكر بعض من المؤثرات على الأداء لابد من أن نتوقف عند التدخلات الخارجية التي تصل إلى حد إملاء القرارات دون سند منطقي, وتوجيهها عبر أجهزة التحكم عن بعد, وفي أحيان كثيرة يضطر رأس الهرم الإداري إلى تقديم فروض الطاعة حفاظا على الكرسي.. وحتى لا يقال عاند قطار رأسه.
أمام تلك المؤثرات الضاغطة على أداء المدير.. كيف يمكن له المناورة ? بل كيف يمكن تحديد أدائه أو تميزه الإداري? وهل لدينا تلك الجهات المؤهلة لوضع ذلك التقويم مع غياب مؤسسات الرصد المحايدة?
ولو أخذنا بأن لدينا مراكز رصد وتتبع قادرة على وضع خط بياني لأداء أية جهة حكومية ضمن أسس موضوعية .. فكم من الوقت يحتاج المدير لتجاوز الترهل الإداري الذي أصاب مؤسسته? بالتأكيد تحتاج العملية لوقت ليس بالقصير حتى تظهر نتائج التدريب والتأهيل ,ورفع كفاءة الكادر الإداري والفني والمالي ليضحي قادرا على التعامل مع التطورات المتلاحقة على الصعد كافة .
وبالمقابل تبقى الأنظمة والقوانين على وضعها الراهن معوقاً لعمليات اصطفاء العنصر المتميز وتحفيزه وتحجيم المقصر ومحاسبته , فهوامش المكافأة محدودة ومجالات المحاسبة ضيقة, وكلاهما محكوم بالعلاقات الشخصية البعيدة كل البعد عن الأسس المؤسساتية .
أما الأدوات المادية فرغم الصعوبة بتحديثها فإنها في بعض الأحيان قد تصل المؤسسة ,ولكن لا تجد الكادر القادر على تفعيلها فتتحول إلى أرقام تضاف إلى باب الخسائر .
إن المدير الخبير بمؤسسته وليس ذلك الذي أتى به قرار ليبقى ضيفا لفترة معينة- قادر في حال امتلك التميز الإداري والإحاطة الشاملة من تحقيق نقلات متتالية ومهما كانت متواضعة لابد أن تظهر نتائجها الإيجابية ولو بتجاوز حجم المخرجات لحجم المدخلات.
إذن لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوز دور المدير في تحسين أداء المؤسسة, رغم ما يحيط بالآليات القائمة من معوقات خاصة. إننا نعاني من غياب لعمل مؤسساتي يحدد توجهات العمل المرحلية والمستقبلية, ونفتقد للأنساق المتتالية وكلاهما يحتاج إلى ثقافة إدارية لا يمكن بناؤها بين ليلة وضحاها.. ولهذا سيبقى للمدير الدور الأبرز في تطوير المؤسسة .