والتزاما بموعد ثابت ومثبت على الورق, وبتواريخ تتكرر... دقت الطبول إيذانا بتدشين أيام لغرس الشتول في مشهد ترفع فيه الشعارات التي تمجد الشجرة, وتبعها تكثيف الاجتماعات وتشكيل اللجان التي تنبثق عنها لجان لإعداد المهرجانات وإدارة الندوات ودعوة الفعاليات للمشاركة بالتصفيق والتصفير ولإلقاء الكلمات في القاعات المزينة بالورود والأزهار, ومدت الموائد العامرة لتسهيل غرس الأفكار النيرة في رؤوس أو بطون المستمعين والحاضرين عن أهمية الشجرة ودورها التي -كما يتحدث الخطباء- يجب رعايتها وسقايتها حتى بدمع العيون.
وبعد انتهاء الاحتفالات وإطفاء أنوار المهرجانات تقف الشجرة في جانب معتم تشعر بالهزيمة, تندب حظها العاثر مع من يريدون زرعها في تربة الخطابات وسقايتها بالأرقام والحسابات والجداول.
ولطالما سمعنا المسؤول عن غرس الشتول أن الملايين قد زرعت والملايين من الليرات قدصرفت إكراما للأم الشجرة في أعيادها -ولو جمعنا تلك الأرقام التي كانت تعلن عن عدد الأشجار التي زرعت في رحم الأرض لكنا ننعم الآن بغابات شبيهة بغابات الأمازون أو بغابات تنافس غابات كولونيا الشهيرة التي تعتبر بالفعل جنة صغيرة تشكل ثروة حقيقية للشعب الألماني.
وعلى هذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه على أصحاب القرار: أين الشجرة في وطن الشجر!! وبعد كل ماسبق كيف يمكن أن نصدق ما أعلنه المسؤول عن حملات التشجير وبأم أعيننا نرى تراجع المساحات الخضراء إلى 2,5% قياسا لإجمالي المساحات المزروعة على امتداد /20/ عاما.
المثل الصيني يقول: (إذا أردت أن تزرع لعام فازرع قمحا ولعشرة أعوام ازرع شجرا ولمئة سنة فازرع إنسانا).
ونحن نريد أن نزرع قمحا وشجرا وإنسانا. ولن نقبل أن يظل الورق مكانا لانتصاراتنا.. وفي موضوع الشجرة وعيدها فلا المهرجانات ولا الولائم يمكن أن تصنع لنا جنة صغيرة تتباهى باليد التي زرعتها ورعتها وعلقتها لآلىء زمردية فوق أغصانها وفروعها.