فهل جاء بلير إلى إسرائيل لإقناع شارون بحضور المؤتمر..?
وهل دعم الفلسطينيين الذي تحدث عنه بلير في مؤتمره الصحفي مع المرشح للرئاسة الفلسطينية محمود عباس يحتاج إلى عقد مؤتمر على هذا النحو?
في الواقع إن بلير تلقى صفعتين بلقائه شارون, الأولى تمثلت برفض هذا الأخير المشاركة في المؤتمر, والثانية من الولايات المتحدة التي لم تفعل شيئا لدفع شارون إلى القبول بالتحرك البريطاني ,ما وضع بلير أمام خيارين, إما إلغاء المؤتمر أو عقده للحفاظ على ماء الوجه أمام الشعب البريطاني ,وكانت استجابة الفلسطينيين لحضوره مكافأة لبلير لم يكن باستطاعته الرد بأحسن منها.
الرفض الإسرائيلي للمشاركة في مؤتمر (بلير هذا) يحمل بين طياته أكثر من رسالة إلى بريطانيا تحديدا والأوروبيين عموما, فإسرائيل لا تريد السلام وترفض أن يكون لأوروبا أي دور في تحقيق السلام الذي تريده والذي أعلن عنه شارون في خطابه الأخير, والأهم من ذلك أن إسرائيل ترفض المفاوضات مع الفلسطينيين وتعمل على تحقيق رؤيتها (السلمية) بالاتفاق مع الإدارة الأميركية التي فوضت نفسها بالحقوق الفلسطينية والتفريط بها بما يخدم التوجهات الإسرائيلية لمستقبل المنطقة.
ما ينسف مبررات بلير حول عقد المؤتمر والمشاركة الأميركية فيه بشخص وزيرة الخارجية كوندا ليزارايس التي تحمل في جعبتها إملاءات شارون واشتراطه على الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي وتفاهماته مع الرئيس الأميركي جورج بوش, إزاء حق العودة وأراضي العام 1967 وموضوع المستوطنات وغيرها من القضايا الأمنية, والأسئلة التي تبرز هنا هي: هل يستطيع بلير أن يمنع تحول هدف المؤتمر من تقديم الدعم للفلسطينيين (المشكوك فيه أصلا) إلى ممارسة الضغوط عليهم للقبول بشروط شارون القديمة الجديدة للحل?
وإذا كان قادرا على ذلك بحضور رايس (وهو ما يستبعده العديد من المحللين) ما هي جوانب الدعم المقترحة للفلسطينيين? وهل تشمل في طياتها وقف العدوان الإسرائيلي وبناء المستوطنات وهدم البيوت وتدمير البنى التحتية وتجريف الأراضي? أم أن الأمر سيقتصر على تقديم بعض المعونات المالية والوعود الطنانة المشروطة كما في السابق..?
للأسف ليس هناك ما يدل على إمكانية تحقيق (مؤتمر بلير) أي خرق على هذا الصعيد ولاسيما أن إسرائيل تنصلت مسبقا من تحمل أي نتائج عنه واعتبرته لايعنيها بشيء, ومن يدري, ربما تستجد بعض الأمور التي تنتهي بإلغاء هذا المؤتمر وخاصة إذا وجد فيه بلير خطرا على حظوظه وحزبه في الانتخابات المقبلة.
إن السلام لا تصنعه المؤتمرات واللقاءات والصور التذكارية وتبادل التحيات والابتسامات, ولو أن الأمر كذلك لكانت المنطقة تنعم به منذ سنوات, وهو ما يدركه بلير وغيره ,ومع ذلك يبقى هناك من يعول على هذه الشكليات لتحقيقه.