إلى درجة أصبح فيها الهروب من مواجهة هذا الواقع خيارها الوحيد, أملاً في أن تستجد ظروف جديدة تخفف عنها عبء هذه المسؤوليات.
وللأسف تحولت هذه الحكومات عن القيام بمهامها, حيال مواجهة التحديات التي تحدق بالأمة إلى القيام بدور المدافع عن التهم الموجهة لها من الأعداء, والتي تتمحور حول دعم الإرهاب, وعدم تلبية حاجات السوق النفطية, وانتهاك حقوق الإنسان, ومعاداة الديمقراطية والسامية, وانتهاك حقوق الأقليات والأديان وغيرها من التهم الأخرى التي تتطور بما يستجيب لاستراتيجية الطامعين بإحكام سيطرتهم على المنطقة وثرواتها المتنوعة.
والذي يزيد الطين بلة, ويسهم في تسهيل مهمة أعداء الأمة على تحقيق أهدافهم أن بعض الحكومات العربية عادت إلى نغمة الاتهامات لغيرها من شقيقاتها لإرضاء بعض الأطراف الدولية, متجاهلة الأخطار التي ترتبها مثل هذه التصرفات على وحدة الأمة واستقلالها المخترق من عدة جوانب بإرادة بعض الدول والقوى السياسية العربية, بمقابل تافه وزهيد وأحياناً كثيرة دون أي مقابل أو حتى مجرد شكر.
لقد وقعت العديد من الدول والحكومات العربية في الشراك التي نصبتها لها بعناية القوى المعادية, وعلى رأسها الولايات المتحدة, حيث تمكنت هذه الأطراف التي لم تخف مشاريعها وتوجهاتها تجاه منطقتنا من تحويل اهتمام هذه الحكومات عن القضايا والأولويات إلى مسائل أخرى لم تكن تشكل محوراً لأي اهتمام عربي, بالشكل الذي حددته وخططت له القوى الطامعة بالسيطرة على مقدراتنا, وتغييب وتحجيم كل مقومات القوة التي نمتلكها, ولا تنفصل المحاولات المستمرة لأعداء الأمة لبث الخلافات بين الدول العربية ومنع الاستثمار العربي لمكامن القوة عن الإطار الأساسي لمشاريع هذه القوى, هذا إذا لم يكن جزءاً رئيسياً منها بعلم وترتيب بعض الأطراف العربية.
أمام هذا الواقع العربي الصعب والمعقد والذي يستهلك الجهد الذي تبذله قلة من الدول والقوى الحية العربية للحفاظ على تماسك هذه الأمة في مستواه الأدنى, أين دور شرائح المجتمع العربي في درء الأخطار التي تواجهها? ومن المسؤول عن ضعف أدائها في هذا الشأن? وهل ما تعانيه من عقبات داخلية وخارجية يبرر لها هذا الصمت المطبق إزاء ما يتهددنا من أخطار...? إنها تساؤلات مهمة جداً ومن المفترض أن تجد الأجوبة والحلول السريعة كيلا يقع المحظور!!.