بقصد ودون قصد, والتي طالت الحراج والغابات طيلة السنين الماضية التي كنا نحتفل فيها بعيد الشجرة ..!!
والأرقام التي وصلت إليها خطط التشجير السنوية تدل على اهتمام كبير من قبل الدولة لزيادة رقعة المساحات المشجرة وترميم الغابة الطبيعية بزرع غابات اصطناعية تعوض نسبياً مافقدناه من الغابات والحراج في مختلف المحافظات التي تتواجد فيها الغابات.
فقد وصلت المساحات التي تشجر سنوياً الى نحو 24 ألف هكتار, ووصل عدد الغراس الى نحو 30 مليون غرسة سنوياً , وكانت الخطط تتكرر, لكن على صعيد الواقع الميداني لم نلمس الزيادة المطلوبة في المساحات المشجرة بما يتناسب والمساحات المزروعة, لأن قسماً من الأشجار كانت تموت وتتكرر الحالة أىضا في كل عام ..!
وفي السنوات الأخيرة تراجعت خطط التشجير وتم حل اللجنة العليا للتشجير وأصبحت مسؤولية التشجير من مهام وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي, وبات التوجه الجديد هو أن يتم الاهتمام بالأشجار المزروعة وحمايتها وترميم المساحات المزروعة وزرع مساحات جديدة يمكن رعايتها والاهتمام بها وحماية الغابات الطبيعية من التعديات .
لكن يبدو أن ما نزرعه خلال سنوات يمكن ان نبدده خلال ساعات أو أيام , فقد أتت الحرائق التي حدثت في صيف وخريف هذا العام على آلاف الدونمات من الغابات الطبيعية في محافظتي اللاذقية وطرطوس وبعض المحافظات الأخرى, وكان أخطرها وأكبرها مساحة الحرائق التي نشبت في محافظة اللاذقية , إضافة الى حرق مساحات من البساتين والأشجار المثمرة , وكشفت تلك الحرائق عن قصور واضح وعجز في مواجهة الحرائق الكبيرة , وخاصة في المناطق الجبلية والوديان التي يصعب الوصول اليها , والحاجة الماسة الى طائرات لمكافحة حرائق الغابات وشق طرق حراجية صالحة للاستخدام والوصول إلى أماكن نشوب الحرائق, ولولا مساعدة الأصدقاء الأتراك في إطفاء تلك الحرائق الكبيرة لكانت النتائج أسوأ بكثير ..!
فهل نوازن ما بين زراعة الغراس وحماية ما هو موجود من الغابات الطبيعية والاصطناعية ?! فلا يكفي ان نزرع بل لابد من حماية مازرعناه ومتابعته ورعايته باستخدام الوسائل والأساليب الحديثة وتوفير التجهيزات وسيارات الاطفاء والطائرات الخاصة باطفاء الحرائق , وإلا سيبقى عيد الشجرة مجرد مظهر احتفالي لا أكثر ,في وقت نحن بحاجة الى الاهتمام الجدي بالشجرة وزراعة مساحات جديدة في كل عام من الأشجار الحراجية والمثمرة لتعويض مافقدناه من الغابات وإعادة تشجير المساحات التي طالتها الحرائق وتعرضت للدمار الكلي أو الجزئي .
إن الاحتفال بعيد الشجرة يجب ان يكون منطلقا للعمل بجدية أكثر من أجل زراعة الأشجار وحماية الغابة والتعامل معها كصديق, والنظر اليها كثروة وطنية يجب المحافظة عليها وتنميتها , وهي مسؤولية الجميع للمشاركة في زراعة الأشجار ليس فقط بمناسبة عيد الشجرة, بل ودون هذه المناسبة ..