تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الاربعاء 29/12/2004م
سلمان عز الديني
سألني السيد رئيس التحرير بود وإنما بصرامة :

( لماذا لا تكتب إلا عن الأشياء السلبية .. وكأنك لا ترى إلا السواد ...)‏

ولإنني خجول ومصاب بالشعور المزمن بالذنب , فقد ارتبكت وكدت أن أعتذر , غير إنني ما إن خرجت من مكتبه , حتى استعدت شجاعتي وهذا أمر يحدث لي فقط خارج مكاتب رؤسائي .. ثم تذكرت حكايتي الطويلة مع الحكمة الأزلية والمرشحة لأن تكون أبدية :‏

( عليك ان ترى النصف الممتلىء من الكأس )‏

لطالما أُلقيت هذه الحكمة على مسامعي , ولطالما حاولت أن أؤمن بها ولكن دون جدوى . حسناً لنستبعد البعد الرمزي لهذه العبارة وندقق فيها حرفياً :‏

تخيلوا أن تدخلوا إلى بيت رجلٍ فيصب لكم نصف كأس من الشاي . بالتأكيد ستعتقدون انكم امام واحدٍ من اثنين : إما فقير للغاية أو بخيل للغاية , وفي كلتا الحالتين لن يستحق مديحكم .‏

في الحالة الأولى ستشفقون عليه , وربما تنبهوه الى حالته المزرية , وفي الحالة الثانية ستدينون تقتيره بلا رحمة ...‏

لا أعرف لماذا علي أن أشكر وزارة الثقافة لإنها تصدر كتباً , ومديرية المسارح لإنها تقدم بضعة عروض مسرحية , ومؤسسة السينما لإنها تنتج فيلماً كل عام أو عامين , واتحاد الكتاب لإن موظفيه ( وبينهم أعضاء مكتبه التنفيذي ) يداومون خلف مكاتبهم , والمراكز الثقافية لأنها تفتح أبوابها من الثامنة صباحاً وحتى الثانية ظهراً ..‏

هذا هو النصف الممتلىء من الكأس , أما النصف الفارغ فهو ان هذه الكتب لا يقرؤها أحد , وهذه العروض تنتمي الى المسرح على سبيل المجاز لا أكثر , وهذه الأفلام لا يستسيغها سوى مخرجيها .‏

موظفو الاتحاد يستثمرون أوقات فراغهم المديدة بلعب دور الرقباء وعلى طريقة محاكم التفتيش , ومسؤولو المراكز الثقافية يقتلهم الضجر لإن أحداً لا يزورهم حتى للسلام عليهم ...‏

الآن .. احكموا بأنفسكم : إلى أي من النصفين علي أن أنظر ..?‏

في سابقة طريفة اتصل أحد المسؤولين بصحفي مشاكس وسأله :‏

( لماذا تصر على النعيب مثل الغراب ..?)‏

أجاب الصحفي :( حافظوا علينا نحن الغربان لأننا على الأقل - نذكركم بأن الخلود وهم وبأن الموت حقيقة مؤكدة )!‏

أجل .. حافظوا علينا نحن (الساخطين ) , لا لنذكركم بأن الكمال وهم , بل أكثر من ذلك : لنذكركم بأنكم لم تخطوا بعد على طريق الكمال ..‏

 

 سلمان عز الدين
سلمان عز الدين

القراءات: 30395
القراءات: 30391
القراءات: 30393
القراءات: 30399
القراءات: 30395
القراءات: 30385
القراءات: 30394
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30385
القراءات: 30391
القراءات: 30380
القراءات: 30387
القراءات: 30393
القراءات: 30385
القراءات: 30387
القراءات: 30389
القراءات: 30389
القراءات: 30376
القراءات: 30379
القراءات: 30388
القراءات: 30384

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية