تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الجمعة 31/12/2004م
قمر كيلاني
كلما لملم عام أوراقه ليفسح المجال لعام جديد تبدأ أزهار الأمل تمتد على كل المساحات.. وتنفجر الأماني مثل ينابيع لا حصر لها لتغمر الأيام القادمة بالخصب والنماء..

ولتعد الغلال والخيرات أن تطفح بالعطاء. هذا أمر طبيعي ووارد على المستويين العام والخاص.. فالأنظار دائما تتطلع إلى المستقبل.. والقلوب تهفو إلى ما هو أفضل.. ولاسيما تجاه الأجيال التي تعلق عليها الآمال.‏

لكن العام الفائت.. أو الذي يفوت ترك أوراقا ملطخة بالدماء.. وأخرى قاتمة سوداء.. على عديد من البلاد والعباد وفي مناطق هي بالأصل مواطن خصبة للنزاعات والصراعات.. والكثير الكثير من المشكلات.. ليس أولها الفقر والبطالة.. ولا آخرها ضيق الموارد والعطالة.‏

والطبيعة بدت غضبى في تلك الأيام فأرسلت زلازلها وصواعقها وأمواج بحارها الجبارة لتعلن للبشر أنهم مهما تفوقوا في أسلحة القتل والتدمير وفي أحدث تطورات التكنولوجيا الحديثة فإنهم يقفون عاجزين أمام غضبها.. وأنهم لابد لهم مهما تنازعوا وتخاصموا أن يتقاربوا ويتلاحموا ليقدموا العون ولو كان القليل اليسير إلى المناطق المنكوبة.. وإلى ألوف الألوف من البشر الذين إن لم تجمعهم بهم أي روابط فلا أقل من الرابطة الإنسانية التي تتهاوى خيوطها عاما بعد عام رغم الصراخ الإعلامي والمنهج الجديد الإنساني الذي يسمونه (حقوق الإنسان).‏

نقول هذا وأقدامنا تغوص في وحل حضارة مفككة الأوصال.. مليئة بالضحايا التي ترتعش لها العقول قبل الأجسام. حضارة أقل ما يقال فيها إنها حضارة التوحش للجنس البشري بحيث أصبح لا يحسب حسابا إلا للمادة.. حضارة تأكل أبناءها الضعفاء من أجل المزيد من المفترسين الأقوياء.‏

فإذا كانت (العولمة) هي النداء الأخير للسفينة الحضارية الغارقة فلننظر إلى هذه العولمة بمنظار جديد مع العام الجديد, لو أنها عولمة تجعل من العالم أسرة إنسانية واحدة.. لا يطال الضرر فيها أي عضو من هذه الأسرة حتى يهب الأعضاء جميعا لإنقاذه ونجدته. عولمة تترك لكل قوم من الأقوام.. ولكل أمة أو شعب خيراته وثرواته بل قراراته واختياراته.. عولمة لا تجعل الهيمنة والسيادة لدولة مهما كانت كبرى وعظمى السطوة والسيطرة على سائر الأمم والشعوب والعبث بمقدراتها بل بلقمة أطفالها إلا من خلال هذه السطوة والسيطرة. عولمة تترك الباب مفتوحا أمام أهل الأرض لكي يكونوا شركاء في كل ثروات الأرض.. ومادات الدول الغنية والأخرى الكبرى تضطر لكي تمد الدول المنكوبة أو الفقيرة بالمساعدات المالية أو الإعفاءات الضريبية أو حتى بإلغاء المديونيات أو تقليصها, فلماذا لم يتم التقارب أصلا مع هذه الدول بروح إنسانية شفافة وتضامنية للتخفيف من أعبائها ولإدخالها في دائرة الحضارة الحديثة التي هي حضارة الإنسان في هذا الزمان?‏

عام جديد.. ولكن ترى هل من جديد.. والسؤال يكبر ويكبر فإما أن يحلق كطائر حر.. وإما أن يظل مكبلا بأصفاد من حديد.‏

 

 قمر كيلاني
قمر كيلاني

القراءات: 30398
القراءات: 30392
القراءات: 30397
القراءات: 30390
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30390
القراءات: 30391
القراءات: 30392
القراءات: 30392
القراءات: 30386
القراءات: 30395
القراءات: 30393
القراءات: 30397
القراءات: 30395
القراءات: 30394
القراءات: 30386
القراءات: 30395
القراءات: 30383
القراءات: 30385
القراءات: 30390
القراءات: 30397
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30395
القراءات: 30394
القراءات: 30393

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية