فالسلم والأمن الدوليين عرضة للاستهداف المنظم من جانب بعض القوى التي تسعى للهيمنة على العالم مستخدمة شتى الأساليب المحرمة دوليا لتحقيق هذه الغاية.
والأمم المتحدة ومنظماتها لم تسلم هي الأخرى من هذا الاستهداف حيث يراد لها أن تكون مجرد أداة من أدوات الولايات المتحدة لفرض إرادتها وسيطرتها المطلقة على العالم ما تسبب بحدوث انقسام دولي إزاء العديد من القضايا والأزمات الخطيرة أسهم في زيادة المخاوف من تحول العالم إلى أسير أطماع سياسات جديدة في الولايات المتحدة من شأنها أن تدفع بأوضاعه الحالية المتوترة إلى حالات نوعية ومخيفة يصعب تلافي عواقبها أو التحكم بتداعياتها خلال السنوات القادمة.
فمنطقة الشرق الأوسط التي استبشرت خيرا أواخر القرن الماضي وبدايات هذا القرن بحل للصراع العربي- الصهيوني وعموم السلام فيها تفاجئها الولايات المتحدة بتعهدات وقرارات تصب في خدمة إسرائيل وتجعل من إيجاد حل لهذا الصراع في ظل هذه الظروف أمرا مستبعدا إن لم يكن مستحيلا, وأيضا يفتح أزمة جديدة بغزوها للعراق يبدو من الصعب جدا التكهن بمصيرها وتبعاته على المنطقة والعالم ,ولاسيما في ظل تدهور الأوضاع الأمنية ومحاولات الولايات المتحدة تصدير مأزقها في العراق إلى الخارج.
الأذى الذي تسببت فيه السياسة الأميركية على المستوى الدولي عمَّ العالم بجميع مناطقه وأقاليمه ولكن منطقة الشرق الأوسط ومحيطها الاقليمي تلقيا الجزء الأكبر منه وللأسف لم يتوقف الأذى عند المستوى الراهن حيث مازالت المشاريع الأميركية لهذه المنطقة في بداياتها, وليس هناك ما يشير إلى نية مخططي البنتاغون والإدارة إجراء مراجعة لها رغم ما تواجهه من عقبات ونكسات على الصعيدين الأمني والسياسي في العراق ومناطق أخرى.
إزاء هذا الواقع لا نجد حلا سريعا وتبدو الصورة مشوشة على أكثر من صعيد وخاصة في منطقتنا ولكن من طبيعة الحياة الاستمرار ومن طبيعة البشر التفاؤل بالأفضل والأحسن مع قدوم كل عام جديد رغم عدم توفر المعوقات الكافية لهذه الحالة الطبيعية.
الغائب الأكبر في العام الماضي كان عنصر الإرادة الدولية لمواجهة غطرسة السياسة الأميركية, ومهما تكن الأسباب التي تقف خلف ذلك فإن استمراره في العام القادم الذي يبدأ فصوله غدا يمثل انحدارا خطيرا في القيم الإنسانية والأخلاقية ولكون العرب من أبرز المستهدفين يتوجب عليهم (حكومات وشعب) تحقيق نقلة نوعية على هذا الصعيد. فاستعادة إرادتهم جزء أساسي ومهم لتجاوز ما يواجهونه من تحديات تهدد مستقبلهم ووجودهم الجيوسياسي.