مجددا اتهامه الأوروبيين بالانحياز إلى الجانب الفلسطيني وبتبني موقف ونهج غير متوازن إزاء الصراع العربي- الإسرائيلي, ومؤكدا أنه يمكن لأوروبا أن تلعب دورا إيجابيا في الضغط على الفلسطينيين فقط لتطبيق ما سماه إصلاحات سياسية لإنهاء المقاومة المسلحة ضد إسرائيل.
وقبل ذلك بعدة أيام رفض شارون دعوة ضيفه رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير للمشاركة بالمؤتمر الدولي الذي تستضيفه لندن شباط القادم, وأكد أنه لا حاجة لحضور إسرائيل المؤتمر, وإنها لن تعتبره مؤتمرا للسلام في كل الأحوال, وهو الأمر الذي يؤكد من جديد موقف إسرائيل الرافض لأي مبادرة أو جهد دولي للسلام سواء كان أوروبيا أم غير أوروبي.
من المؤكد أن أطرافا عربية ودولية عديدة لم يفاجئها الموقف الإسرائيلي من تصريحات وزير الخارجية الهولندي التي أكد فيها شراكة أوروبا في عملية السلام, ومن دعوة بلير لحضور المؤتمر المزمع عقده في لندن, لكن الغريب والمفاجىء في الأمر هو ردة فعل رئيس الوزراء البريطاني وقيامه بأكبر عملية تكويع والتفاف ذاتي حول رؤية ومبادرة شخصية ظل ينفخ فيها عدة أشهر قبل أن يحل ضيفا على شارون ويتلقى منه رد الدعوة أمام الصحفيين.
فالسيد بلير بدأ الحديث عن فكرة استضافة مؤتمر تدعى له أطراف دولية بهدف المساهمة في إحلال السلام في الشرق الأوسط, ومع ورود إشارات أميركية غامضة تتراوح بين الاستحسان وعدم التشجيع ولا تتضمن تأكيد المشاركة, إلى جانب الإشارات الإسرائيلية الواضحة في أن إسرائيل لن تحضر المؤتمر ولن تكون طرفا فيه, وأن الأمر برمته غير مطروح وغير وارد بالنسبة لها, أخذت فكرة بلير تذوب وتضمحل إلى الحدود التي ارتضت لندن فيها أن يتمخض حملها عن فأر صغير بدلا عما كانت تعتقده نيلا كبيرا.
غير أن الأكثر غرابة واستهجانا ذلك الرضى البريطاني في الانسلاخ عن الجهة والموقف الأوروبي, والتصميم على الاستمرار بالتبعية لأميركا في كل ما يتعلق بإسرائيل وقضايا المنطقة من فلسطين إلى العراق, وإلا فما معنى أن يتم اختزال عناوين مؤتمر لندن بالعمل على مساعدة الفلسطينيين للقيام بإصلاحات سياسية وديمقراطية, وتسخير كل ما من شأنه خدمة ودعم الجانب الفلسطيني في مسعى تفكيك بنى المقاومة المسلحة ضد الاحتلال.
ثم ألا يشكل ذلك تراجعا خطيرا من قبل لندن لطالما امتلك بلير حماسا زائدا في تسويق فكرته ,حيث رسم لها اسوأ خط بياني ليصل بها في المحصلة ليس إلى التلاقي مع الادعاءات الإسرائيلية والضغوط الأميركية, وإنما إلى التطابق مع المزاعم الكاذبة والوعود الزائفة!!..وليمعن بلير النظر في فكرته ودعوته السلمية من أين بدأ بها وإلى أين انتهت?!