طبعاً هذا المشهد يذكرنا ببعض المديرين العامين في مؤسساتنا العامة وخاصة الاقتصادية منها, حيث تطبق نفس الممارسات الفاسدة, وعندما نقول اقتصادية نعني أن هذه المؤسسات يفترض أن تكون الداعم الأساسي للاقتصاد الوطني, لا أن تكون عالة عليه من خلال الصرفيات التي تتم ودون حساب, وبحجج واهية, وتحت مسميات متعددة يجد المدير العام ومن يلوذ به الأعذار لهذه الصرفيات كون بعضهم يصرح أنه جاء ليستفيد وليس ليخرج من (المولد بلا حمص). طبعاً نحن كإعلاميين تصدينا لهؤلاء الفاسدين الذين أخذوا يتصرفون تصرفات تكاد تكون خارجة على القيم والأخلاق الإنسانية, خاصة بعد أن شعروا بقرب نهايتهم من إدارة تلك المؤسسات التي أفسدوها حتى بات فسادهم مرضاً يكاد يكون عصي العلاج, إن لم تتوفر النيات الصادقة, لكن باعتقادنا أن هذه النيات قد توفرت الآن أكثر من أي وقت مضى لأن مسألة الإصلاح بشقيه الإداري والاقتصادي قد أصبحت عنوان هذه المرحلة, ولا يظن أحد من الفاسدين والمفسدين ومرتكبي المخالفات ومن خلال أي ممارسات يستخدمها أنه بعيد عن المساءلة والمحاسبة, التي باتت كما قلنا قاب قوسين أو أدنى, لأن ثقتنا بمن تسلموا مهام الوزارات المعنية بالإصلاح وخاصة الاقتصاد والصناعة والعدل أكدوا أنهم لن يتهاونوا مع أولئك الذين أفسدوا مؤسساتهم وجعلوا الأموال العامة رهينة النهب والسلب وبشتى الطرق والوسائل, ولا نعتقد أنه بإمكان هؤلاء الفاسدين استخدام نفس الأساليب التي كانوا يستخدمونها في السابق واسمحوا لي أن أستأذن رئيس تحرير صحيفتنا حين قال (لا نجامل بل نطالب) لأن ما يعزز الثقة بين الحكومة والمواطن هو تلك الإجراءات التي تعالج حالة الفساد والمفسدين التي استشرت في مؤسساتنا العامة وبخاصة الاقتصادية, لأن الشخصانية والتفرد بالإدارة والأنا المقيتة, ومقولة المؤسسة مؤسستي ما زالت تسيطر على عقلية بعض المديرين العامين حتى الآن.
بطبيعة الحال ما نشير إليه يتطلب الإسراع في معالجة قضايا الفساد في مؤسساتنا الاقتصادية لا أن ننتظر كما انتظرنا سابقاً بغية تعزيز ثقافة الحفاظ على المال العام, وتكريس الفكر المؤسساتي البعيد عن الشخصانية والأنانية التي اعتادها بعض المديرين في إداراتهم, ونحن هنا لا يمكن أن نخضع لأمزجة هؤلاء الفاسدين وإن استخدموا كل الوسائل غير الأخلاقية تجاه من عروهم بالكلمة الحرة الصادقة والشفافة, لأن عقد الشراكة بيننا كإعلاميين وبين الحكومة يقتضي ذلك, وهذا العقد لن يتأثر بأي ضغوطات بمختلف أنواعها وأشكالها وأساليبها, لأن هذا العقد أساسه الانتماء للوطن, والصدق مع القائد, وقد آلينا على أنفسنا كشف المتلاعبين في مؤسساتنا العامة وخاصة الاقتصادية التي هي بحاجة لإعادة نظر أكثر من غيرها والوصول إلى مديرين يتمتعون بالكفاءة والنزاهة والشفافية.
كما لا نريد الوقوف عند الممارسات التي مورست بحق الفلاحين أصحاب الأرض التي استملكت, والأساليب التي يحاولون فرضها عليهم بغية الحصول على عمولات عن طريق أحد مكاتب المحامين, كما لا نريد التوقف عند كيفية صرف مبالغ الفعاليات التي تقام في الخارج والأسلوب الذي تصرف فيه الأموال العامة, في حين أنه يفترض أن يتم تجهيز تلك الفعاليات على حساب المشتركين, ولا نريد أيضاً الوقوف عند كيفية شراء حواسب مخالفة للمواصفات, وأسلوب نقل المهندس الذي اعترض على هذه المواصفات.. ولا نريد أيضاً الوقوف عند أسلوب تسريح العاملين الذين يتمتعون بكفاءة ومهارة وبشهادة من سرحوهم وتفصيل نظام داخلي على المقاسات... أمور كثيرة تستحق التوقف عندها, لكننا نعتقد جازمين أن المعنيين هم بصورتها.. يبقى السؤال:
متى توضع الأمور في نصابها بغية إنهاء حالة الفساد خدمة للمؤسسات وللاقتصاد الوطني?!.. ونحن سنظل نراقب.. ونكتب بالحجة والوثيقة لأن عقد الشراكة الذي أعطي لنا من قائد الوطن أعطانا حق المراقبة والكتابة وتعرية الفاسدين, لأننا لا نريد لحالة (زكي بيك) أن تسود في مؤسساتنا وإن كانت موجودة في البعض الاقتصادي وتشكل نفس الحالة..