ولعل من الطبيعي أن يتواصل طرح التساؤلات حول المهمة الحقيقية للإعلام, في ضوء مأزق التداخل الوظيفي الذي تعانيه قطاعات الدولة بين بعضها البعض, ثم بينها وبين القطاعات الاخرى الخاص والمشترك وغيره, والذي يغيب جزءاً واسعاً من الدور الحقيقي للاعلام, ويستبدله بجزء من ادوار اخرى غريبة عنه وليست له ,الأمر الذي يسيء الى مهمته الحقيقية من جهة, ويدفعه لأن يسيء بدوره -عبر البعض من شخوصه المحسوبين عليه- الى مهام القطاعات الاخرى من جهة ثانية فتقع القطيعة بين الجهتين, ويدب التململ والامتعاض بين كل منهما والأخرى?
ولأن المواطن هو الهدف الافتراضي لكل تلك المهام والقطاعات, فإنه تلقائياً, يتحول الى ضحية غير مباشرة للتداخل الوظيفي فيما بينها!
يحدث ذلك مثلاً, عندما يتدخل بعض الاعلام ويتداخل بغيره, في تنصيب او ترشيح شخص ما لمفصل معين في احد قطاعات الدولة ومؤسساته, على انه الرجل المناسب في المكان المناسب, او العكس, اي عندما يتداخل احد القطاعات تلك بالإعلام ويتدخل في تنصيب شخص او ترشيحه تحت العنوان ذاته, وفي هذه الحالة تتسبب المشكلة بوطأتين, الاولى, غياب فاعلية الشخص ذاك والمكان الذي نصب فيه, والثانية, العبء الذي يشكله هذا الشخص على مكان العمل ودور المكان ووظيفته!!
وبطبيعة الحال فإن الامر لا يتوقف عند هذه الحدود من التداخل بل يمتد الى طبيعة الوظيفة والدور, والى الصلاحيات والمراجع, فمؤسسة تصادر دور مؤسسة اخرى او تعطله, ومفصل واحد في المؤسسة الواحدة يحتكر كل الادوار والمهام والوظائف فيها, وهكذا دواليك.
والسؤال الآن ليس عن الموقع الذي يقف فيه الاعلام في هذه المعمعة بل عن الموقع الذي ينبغي له ان يكون فيه طالما ان المسألة من التداخل والتشويش بحيث تحتاج جولة تشريعية واسعة النطاق وشاملة لكل القطاعات العاملة ومفاصل الادارة فيها تتحدد من خلالها جملة الصلاحيات وحدودها ويعاد بها توصيف المفاصل والادارات وتحديد التسميات فتتحدد وظيفة الاعلام ومهامه, وينأى عن ان يكون عالة ا وجسراً او جلاداً!!