الاتحاد الأوروبي الذي وقف بكامل أعضائه إلى جانب قرار الأمم المتحدة الذي تبنته بأغلبية ساحقة, وطالبت فيه بهدم جدار الفصل العنصري وإزالة المستوطنات من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة اذا ما أضيف إليه الموقف الفرنسي وموقف سولانا المصمم على قيام الاتحاد بأداء دوره بعملية السلام كشريك أساسي, لا يمكن فهمه إلا في إطار اكتشاف أوروبا لقوتها التي بقيت طويلا شبه معطلة, خاصة فيما يتعلق بقضية الصراع العربي- الإسرائيلي وعملية السلام المتوقفة بسبب العراقيل الإسرائيلية وعدم رغبة إسرائيل بالسلام من جهة, وبسبب الانحياز الأميركي المطلق إلى جانبها من الجهة الأخرى.
ويأتي التحرك البرلماني البريطاني الأخير الذي تجسد بتوقيع أكثر من مئتي عضو في مجلس العموم على مذكرة برلمانية تطالب إسرائيل بإزالة الجدار العنصري, وتدعو الحكومة البريطانية إلى ممارسة الضغوط عليها لوقف بنائه ليشكل إضافة أوروبية جديدة تصب في الاتجاه ذاته.. اكتشاف الأوروبيين لقوتهم ولحقيقة أطماع إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة, والمنطقة.
الدوائر السياسية في العديد من العواصم العالمية إضافة إلى محللين ومراقبين اعتبروا قرار الأمم المتحدة الأخير والتطور الإيجابي في الموقف الأوروبي لجهة دعم القضية الفلسطينية انتصارا لنضال الشعب الفلسطيني وللدبلوماسية العربية التي سجلت تحركا مكثفا ونشطا على غير صعيد وفي أكثر من اتجاه.
وإذا كان صحيحا أن التطورات الأخيرة أتت كنتيجة لنشاط سياسي عربي فاعل على الساحة الدولية, جعل الأوروبيين يكتشفون قوتهم وضرورة تفعيلها وتوظيفها لحماية مصالحهم في المنطقة, ولصيانة أمن واستقرار الدول المتاخمة لهم والمتشاطئة معهم في المتوسط, فإن الدبلوماسية العربية مطالبة بمواصلة جهدها لإحكام العزلة على إسرائيل وتهديدها بفرض عقوبات دولية ضدها.
وكذلك فإن التطور الإيجابي في الموقف الأوروبي ينبغي أن يشكل حافزا حقيقيا للدوائر السياسية العربية للعمل على مضاعفة نشاطها لفضح السياسات العدوانية لإسرائيل, وكشف وتعرية الموقف الأميركي المتواطىء معها إلى حد الشراكة.
كما أن الحكومات العربية مطالبة بالتخلي عما تسميه الدوائر الأميركية بالواقعية السياسية التي يجب على العرب أن يتحلوا بها, ومدعوة للقيام بمحاولة لاكتشاف أوراق القوة التي يمتلكها العرب, ذلك أن من شأن اكتشافها واستثمارها إلى جانب القوة الأوروبية المكتشفة أن يحدث تغييرا كبيرا وجوهريا في المعطيات على الساحة الدولية, وربما يساهم في إعادة التوازن الدولي المختل الى سابق عهده.. الأوروبيون عبروا عن اكتشافهم الجديد فهل نسعى لاكتشاف مصادر قوتنا?!.