هاهي العدالة الدولية اليوم تنتصر ثانية , بخمسة عشر قاضيا في مقابل اميركي واحد كالعادة , اجمعوا على لاشرعية جدار الفصل الذي تغتال به اسرائيل ما تبقى من الاراضي العربية المحتلة, رغم أوامر شارون بمواصلة بناء الجدار.
ليس مدعاة للخدر , بل للحذر , ان تصدر محكمة العدل الدولية قرارها بلا شرعية الجدار, بل انه المقدمة في كتاب ينبغي ان نواظب على فتح صفحاته واحدة واحدة, الى ان ننهي الطريق الواصل الى المساواة بين الصهيونية والابارتايد ( نظام الفصل العنصري ) الذي عاش واعتاش من الدم الجنوب افريقي ردحا طويلا من الزمن , الا انه سقط في المحصلة بقوة الشرعية الدولية , التي حاصرته وقطعت عنه اسباب الحياة حتى انهار .
لعلنا نستعير نموذجا للسلاح الاكثر مناسبة , في معركة تشنها اسرائيل ضدنا وهي تتزيا بأثواب الواحة الديمقراطية وبأنها الامتداد للمجتمعات الحرة المتطورة , نموذج يعيدها الى ما هي عليه في حقيقتها , كيانا طفيليا يمارس كل انواع التمييز والتعصب حتى في مواجهة بعضه بعضاً.
ولطالما ان الغرب اليوم , اوروبياً كان ام اميركياً , يرفع لواء الحرب على الارهاب بمختلف اشكاله وانواعه , ولطالما ان مقاييس العداء او التحالف , يحددها الانتماء الى جبهة هذه الحرب او ضدها , فان على معركتنا المقبلة ان تستهدف المطالبة بنموذج لتطبيق الديمقراطية والمساواة الانسانية , في كيان يدعي الديمقراطية والمساواة , في الوقت الذي يمارس فيه القمع والارهاب والتمييز على ما يقارب الثلث من سكانه الذين يدعي انهم مواطنون اسرائيليون فيه, فقط لأنهم عرب واصحاب ارض حقيقيون ?
نموذج المقاومة بالحصار الدولي والاخلاقي لاسرائيل , الذي يتبناه المناضل الفلسطيني عزمي بشارة , يقدم المثال وبداية الطريق الواصل الى تحقيق المساواة ثانية بين الصهيونية والعنصرية , أي بين الصهيونية والارهاب , أي بين اسرائيل ونظام الفصل العنصري السابق في جنوب افريقيا , نموذج يصلح ان يكون احد عناوين المرحلة المقبلة من الصراع مع اسرائيل , على جبهة مساواتها بما يكرهه العالم , والغرب خاصة , من النظم السياسية والعسكرية العنصرية .
اللا مشروعية الدولية للجدار , انتصار معركة في حرب متعددة الجبهات , ينبغي ان تتواصل في استخلاص دوائها من خواص الداء نفسه .