تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الثلاثاء 13/7/2004
محمد علي بوظة
فور صدور قرار محكمة العدل الدولية بعدم شرعية جدار الفصل الذي تشيده اسرائيل , قادت الولايات المتحدة حملة شعواء ضد الإجماع الدولي الذي تبدى في لاهاي, وأطلقت موجة واسعة من التشكيك والادعاء, بعدم أهلية المحكمة للنظر في مسائل خلافية من هذا النوع والبت فيها..

إلى هنا والأمور تبدو في السياق والإطار المتوقع, بالنظر للتحالف الاستراتيجي والعلاقات القائمة بين واشنطن وتل أبيب, والالتزام المطلق بدعم الأخيرة من قبل الإدارات المتعاقبة, وبخاصة الحالية منها برئاسة جورج بوش التي سجلت قصب السبق في هذا المجال, لكن أن تلجأ دولة كبرى بحجم الولايات المتحدة وثقلها للمغالطة والأضاليل, وتتعمد الافتتان على الحقيقة والالتفاف حولها, وتستخدم نفوذها وسطوتها وحتى تهديداتها لإسقاط القرار وتمييعه وجعله واحداً آخر في تلك السلسلة الطويلة من قرارات الشرعية الدولية المتصلة بالصراع والقضية الفلسطينية, المغيبة والمطوية في أدراج المنظمة الدولية, فهذا ما لا يقبله عقل ولا منطق وموقف عدائي يجردها من أية أهلية في أن تكون قوة استقرار, وضمانة لأمن العالم وسلامه ووسيطاً نزيهاً يمكن الركون إليه والاعتماد عليه في أية عملية تسوية للقضايا والنزاعات الساخنة, وبخاصة في هذه المنطقة.‏

فالتبريرات التي ساقها المتحدث باسم الخارجية الأميركية ريتشارد باوتشر للرفض, والزعم بأن قرار محكمة لاهاي يعرقل وينسف الجهود الأميركية المبذولة لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ويعطل /خارطة الطريق/ وكأن مسيرة السلام وإجراءات تطبيق الخارطة بخير, ولم تواجه معضلة التعطيل والتعثر والدخول في النفق المسدود بواقع السياستين الأميركية والصهيونية, هذه التبريرات والمزاعم مجرد لغط لم يعد بمقدور العالم تقبله وابتلاعه ومسايرة أصحابه, ومنطق يفتقر إلى الحكمة والتعقل والمصداقية, سرعان ما عرته وقضمته وأسقطته التحذيرات والتهديدات التي ساقها باوتشر, وتوعد فيها الفلسطينيين بالويل والثبور إذا ما فكروا بالسعي لتنفيذ القرار واللجوء للأمم المتحدة ومجلس الأمن.‏

أضف إلى ذلك أن التصعيد العسكري لحكومة شارون والمجازر الوحشية التي ارتكبها جيش الاحتلال وأدت إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى خلال أيام قليلة, وارتفاع نبرة التحدي والدعوات إلى تدمير القانون الدولي برمته وبالصيغة التي طرحها موشي يعالون رئيس الأركان في الكيان الصهيوني, والاعتماد على الفيتو الأميركي في مجلس الأمن لتأمين الحماية المستمرة لإسرائيل, جاءت كلها بمثابة استباق ورد مشترك واستفزاز آخر للمجتمع الدولي, وبمثابة رسالة تحدٍ أخرى له وإصرار على التمسك بمفاهيم القوة وشريعة الغاب ومحاولات تعميمها وإحلالها بدلاً من الشرعية الدولية.‏

من هنا وفي المواجهة فإن تأمين الحشد الدولي بمؤازرة رأي محكمة العدل, ووضع العالم والأمم المتحدة ومجلس الأمن أمام المسؤولية القانونية والأخلاقية, في فرض الاحترام والتطبيق الإلزامي للقرار كما القرارات الأخرى التي تستخف بها إسرائيل وتدير لها الظهر, مهمة ملحة تتطلب التحرك من جانب العرب وبفاعلية وسرعة تحسن استثمار الظرف والموقف الطارئ, وتوظيفه في اتجاه يعمق عزلة إسرائيل ويضيق هامش المناورة ويقطع الطريق على حكام تل أبيب وحلفائهم في واشنطن, ويجعلهم يدفعون ثمن سياساتهم وحماقاتهم ورفضهم المستمر للسلام وتطاولهم على القانون الدولي.‏

 

 محمد علي بوظة
محمد علي بوظة

القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30400
القراءات: 30388
القراءات: 30391
القراءات: 30392
القراءات: 30397
القراءات: 30391
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30392
القراءات: 30389
القراءات: 30391
القراءات: 30392
القراءات: 30397
القراءات: 30390
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30394
القراءات: 30390
القراءات: 30389
القراءات: 30396
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30387
القراءات: 30389
القراءات: 30393
القراءات: 30393
القراءات: 30403
القراءات: 30391
القراءات: 30392
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30405
القراءات: 30392
القراءات: 30387
القراءات: 30389
القراءات: 30388

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية