إن المقصود من هذا الكلام هو أن تأخذ كل جهة دورها بالقضية المراد معالجتها من خلال التوضيح وتعليل الأسباب والمشاركة في صياغة القرار المراد اتخاذه حول الشكل المطلوب والوصول إليه بعيداً عن العبارات التي لا تعطي رأياً أو اقتراحاً وترك الأمور غير واضحة عن طريق عبارات لا تقدم ولا تؤخر, منها على سبيل المثال: يرجى الاطلاع أو يرجى إجراء ما ترونه مناسبا أو...... الخ. من هذه العبارات البعيدة كل البعد عن الموضوعية الخاضعة للمشاركة برأي اختصاصي فني يساعد الجهة صاحبة القرار للاستعانة به.
إن تفعيل دور القطاع العام ليكون قادراً وفاعلاً هو بإعطاء هامش كبير للمشاركة عبر آراء اختصاصية وفنية توضح المعوقات بكل جهة لتشكل هذه الحالة بمجملها صيغاً كفيلة للارتقاء بمجمل العملية الإنتاجية, فتكون الشركات والمؤسسات قادرة على المنافسة على أن يترافق ذلك من خلال وضع الكوادر المؤهلة كلاً في مجاله واختصاصه, لنصل بالمحصلة إلى معطيات تنعكس إيجاباً على الأداء من خلال التحليل المعمّق حول النقطة المراد معالجتها, إن كان على نطاق المنشأة أو عندما يتم رفعها إلى الجهات المعنية ليتم اتخاذ قرار بخصوصها على ضوء المقترحات الواردة.
ولا بد من التأكيد على مسألة غاية في الأهمية وتتلخص بروح وآلية العمل الجماعي البناء, فالإدارة في أي عمل تكمن قوتها بقدرتها على إيجاد ضوابط للعمل في جميع مراحله على أرضية واضحة تجعل الرؤية مشتركة ومنسجمة لدى الجميع إدارة وعاملين حول الخطط الموضوعة وكيفية تنفيذها ومراقبة مراحلها ونتائجها ومدى نجاحها وتحديد الصعوبات ووضع التصورات لتجاوزها.
هذا الواقع الذي نتحدث عنه بحاجة إلى تأهيل وتدريب حتى تكون المشاركة في القرار من خلال تقديم المعلومة التي تعتمد الموضوعية والدقة, فالمشاركة في القرار لا تعني تقليص الصلاحيات وإنما هي مطلوبة, وهي مؤشر على حالة انسجام بين من يتخذ القرار ومن ينفذه من خلال معرفة أكيدة بالنتائج وعبر التحفيز والتطوير انطلاقاً من الواقع ومعرفة تفاصيله وضمن الممكن حتى تتوضح أسباب المشكلة وكيفية معالجتها عبر المشاركة في الرأي وتقديم الاقتراح, وللأسف فإن البعض يتهرب من هذا الأمر بعبارات مألوفة دون تقديم رأي يساعد من سيتخذ القرار إن كان مديراً أو وزيراً ليبني عليه قراره وموافقته, وعندما يتخذ القرار نتهرب جميعاً ونلقي بالمسؤولية على عاتق صاحب القرار, ونرمي بثقل المشكلة إن كانت إنتاجية أو إدارية على كاهله ومبرراتنا جاهزة, تتلخص بأننا لم نقترح شيئاً, وكأن المشاركة تشكل حالة خوف عند البعض, وهي إن دلت على شيء, إنما تدل على حالة ضعف لا مبرر لها يفترض أن يتم تخطيها بروح المسؤولية والجرأة التي تهدف إلى الارتقاء بالعمل وفي مختلف مراحله.