غير أن هذا التصالح مع العام , لايبرر - على مانعتقد - أن لانبادر وبإصرار كبير على إجراء مصالحة أيضا مع القطاع الخاص , الذي مازال يقف بعيدا عن دوره الحقيقي, والممكن أن يؤديه, وكي يبادر للتحرك الجاد , ولأخذ هذا الدور , لابد وأن يجد المناخ المناسب والمشجع الذي يجذبه فعلاً بمختلف الأبعاد, وآن لنا أن نكف عن الاستهتار فيه, وهمس الاتهامات عليه, ولايكفي أن يقتصر وضعه في المناخ المناسب, أن نقول مانقوله فقط في مناسبات عديدة , عن دعم القطاع الخاص, وإفساح المجال أمامه , وتشجيعه, وتحفيزه, ولكن.. لإثبات ذلك علينا أن نقرن الكلام بالعمل, علينا أن نجعله يشتهي الاستثمار هنا ولايتردّد.. يتوق للعمل في بلده ولايهاجر .. وهذا مايجب ترجمته على الأرض, وإن صحت الترجمة, فلسوف يقرأها القطاع الخاص بنفسه , ويبادر من تلقاء ذاته الى أخذ دوره الحقيقي ..
أما والوضع هكذا كما هو الحال الآن , فنحن في واقع الأمر نمعن في إزهاق الكثير من الفرص ..!.. ومن غير المعقول أن نبقى هكذا متفرجين على إمكانات القطاع الخاص , الذي لايزال القسم الأعظم منها مسفوحاً , إما بتردده نتيجة مخاوف موضوعية, وإما بإقدامه على الهجرة, قاصداً أماكن تتصالح معه فعلياً .
هل من المعقول - مثلاً - أن قدرات القطاع الخاص الصناعي في دمشق , لم تستطع استقطاب سوى /3252/ فرصة عمل , من خلال /695/ منشأة صناعية أقيمت في العام الماضي,حسب التقرير السنوي لغرفة صناعة دمشق ..?!!...
أي أقل من خمس فرص لكل منشأة ...!!
إننا هكذا لانفوت على أنفسنا فرص عمل ممكنة فقط , وإنما نفوت على أنفسنا فرصا ذهبية وحضارية, كان يمكن أن تنعش اقتصادنا , وتستقطب العاطلين عن العمل من أبناء شعبنا ..
في مؤتمر صحفي عقده الدكتور ( زينوكيرسيتش باومر ) أحد خبراء شركة فولكس فاكن الألمانية , والذي جاء إلى دمشق بمناسبة افتتاح معرض السيارات السوري ( سيرأوتو ) المقام حالياً على أرض مدينة المعارض الجديدة في دمشق, أوضح أن شركته تنشر مصانعها في العديد من دول العالم وهي تصنع نحو خمسمائة صنف من السيارات, فيما لايقل إنتاجها السنوي عن خمسة ملايين سيارة من مختلف الأصناف ...!!.
هذا الكلام - وببساطة - يعني أن الانتاج الاجمالي لهذه الشركة لايقل عن خمسة وثلاثين مليار دولار, إذا اعتبرنا أن وسطي سعر السيارة يصل الى نحو سبعة آلاف دولار, وهذا رقم قليل على الأرجح.
إحصائياتنا تشير الى أن الانتاج المحلي الإجمالي في عام 2003 / أي كل ما أنتجناه من كل شيء, قد وصلت قيمته الى /1778/ مليار ليرة , أي أقل من خمسة وثلاثين مليار دولار ...!!..
أرأىتم .. عندما يأخذ القطاع الخاص فرصته .. ماذا يمكن أن يحصل ?!
ˆ