وقد استبقت الحكومة الإسرائيلية قرار محكمة لاهاي معتبرة أنه تدخل خارجي في شؤونها الداخلية, وصعّدت من لهجتها العدائية ضد المحكمة الدولية, لا بل ان الإرهابي ارئيل شارون تعمد الاستهانة باختصاص المحكمة وقلل من شأن القرار الذي ستصدره, مؤكداً أنه لا يرى أية فائدة من تدخلها في هذه القضية.
ولكن على الرغم من هذا التمرد الإسرائيلي على محكمة لاهاي وإعلان تل أبيب المسبق رفضها لأي قرار قد تتخذه بشأن الجدار العازل, فإن ثمة نقاط إيجابية عديدة يمكن تسجيلها للمحكمة الدولية ولقرارها المرتقب.
فمجرد قيام محكمة لاهاي بإدانة إسرائيل ومطالبتها بتفكيك الجدار العنصري, يعتبر أمراً في غاية الأهمية لأنه سيطعن بشكل قانوني بممارسات إسرائيل العنصرية والإرهابية بحق الشعب العربي الفلسطيني, وسيظهر للرأي العام العالمي سلوك إسرائيل الإجرامي, وسيعد مقدمة أولى لمحاكمة هذا السلوك عبر منابر العالم وهيئاته القانونية المعترف بها دولياً.
كما أن القرار المذكور سيكشف للعالم أيضاً عدم شرعية بناء هذا الجدار, وسيسقط بالتالي ذرائع إسرائيل الواهية والكاذبة حوله, ويعري زيف الادعاءات الإسرائيلية التي تدعي أن بناءه جاء بهدف حماية الأمن الإسرائيلي من العمليات الاستشهادية, وخصوصاً أن الوثائق التي أصبحت بحوزة المحكمة تؤكد أن الجدار يبنى بهدف التهام المزيد من الأراضي العربية, وضمها إلى الكيان الإسرائيلي, وقطع الطريق أمام قيام الدولة الفلسطينية المستقلة عبر تقطيع أوصالها ونسف وحدتها الجغرافية.
وسيعيد القرار المرتقب إلى الأذهان أيضاً مئات القرارات التي صدرت عن منظمات العالم وهيئاته القانونية والتي أدانت إسرائيل ورفضتها هذه الأخيرة جملة وتفصيلاً.
باختصار يعد النظر بقضية الجدار العنصري من قبل محكمة لاهاي خطوة أولى لمحاكمة كل جدران العنصرية والإرهاب المعششة في عقول حكام إسرائيل, الذين يحملون المشروع الصهيوني, ويحلمون بتنفيذ تفاصيله العدوانية على أرض الواقع.
ولذلك كله وضعت حكومة شارون كل ثقلها لمنع انتقال قضية الجدار إلى هذه المحكمة الدولية, ولما بدأت المحكمة بالنظر فيها رأينا القلق ظاهراً على المسؤولين الإسرائيليين الذين قرروا مقاطعتها, وطلبوا من الولايات المتحدة استخدام ثقلها في المجتمع الدولي, واستخدام (الفيتو) لمنع المحكمة من إصدار قرار يدينها.
ˆ