كعربية انتابتني بضعة موجات من المرارة, أولها بسبب الحضور الكمي المتواضع للسوريين, فمن أصل مئتي مدعو, كان هناك ثلاثة سوريين وان تمكنوا من تسجيل نوعية لافتة, فقد ترأس د. عبد الرزاق معاذ رئاسة إحدى الجلسات, كما اشترك د. نهاد عبد الله من جامعة اللاذقية في عضوية أكثر من لجنة...
الأمر الآخر هو غياب اللغة العربية عن المحاضر أو حتى الموقع الالكتروني للمشروع, بما يتيح المجال لأصحاب المشاريع الثقافية الباحثة عن تمويل وهو غزير من استلام مفاتيح تشرع أمامهم مزاليج أبواب تبدو مستعصية على الفتح للوهلة الأولى..
لكن أكثر ما يؤلم وهو محصلة للاعتبار الثاني حضور واو العطف الظالمة لأنها تساوي بين إسرائيل من جهة والفلسطينيين من جهة ثانية, فعندما يعرض أحد المتحدثين لمشروع دعم متواز للرياضة في إسرائيل وفلسطين, لن تستطيع ان تحصن نفسك من الشعور بالغبن, فماذا يعني تخصيص ميزانيات متساوية لجهة لا تخلو فيها مستوطنة من مسبح أولمبي, بينما تفتقد عموم الأراضي الفلسطينية لمنشأة بمواصفات أولمبية, هذا في حال سمح الظرف الأمني بالبناء والاستفادة من هذه المنشأة...
ألا تبدو المساواة في هذه الحالة ظالمة.. ظلم يجب ألا يدفعنا إلى تحميله على أكتاف الآخر, لأنه منفتح ويحتاج إلى من يعيد ترتيب مفردات المشهد أمامه, وكم أضعنا من فرص من قبل عندما استنكفنا عن حضور مثل هذه الفعاليات...
لكن اللقاء لن يفتقد إلى إشراقات, كالذي مثلته السيدة وزيرة الثقافة الجزائرية, فقد ألقت كلمة جمعت أقطابا يصعب تأمين اندغامها في حزمة واحدة, فقد امتازت بالعنفوان والتواضع وبالمنطق والعاطفة, فذكرت بالحوار الثقافي أو الحضاري بين أوروبا والدول العربية منذ العصور الوسطى, وألمحت إلى ضرورة التخلص من القناعات المسبقة, ولاسيما تجاه الإسلام الذي يقدم الآن على أنه الوجه الآخر للإرهاب, مع أنه دين مثل أي دين قد يحمل المؤمنون به رايات العلم والسلم وقد يظن البعض أنهم يدافعون عنه إذ يرفعون حراب المعركة, لكن الدين في كل الحالات يبقى منزها عن تطرفهم, تماما كما يتنزه الدين المسيحي الحق عن محاكم التفتيش أو عن صعود أحزاب عنصرية فاشية أو نازية..
وكذا يلفت النظر إجماع المتصرفين بالمال على أهمية الثقافة لإزالة الحواجز الاقتصادية والسياسية.. بدهية ما أحوجنا إلى التعاطي معها بجدية.