وبذلك نشأت علاقة جدلية- أسهم بها الاعلام- ما بين ممارسة الحرية والحفاظ على حقوق الآخر, وهذا ما تطلب تدخل الحكومات لرعاية الحقوق الأساسية للجماعة والأفراد.
وكانت سورية سباقة لإصدار القوانين والأنظمة الخاصة والناظمة لذلك, فجاء قانون المطبوعات رقم 53 الصادر يوم 8 تشرين الأول عام .1949
وضمن الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية الصادر عام 1973 في فصله الرابع على امتداد المواد من 25 وحتى 49 الحقوق الأساسية للمواطنين سواء أكانت شخصية أم فكرية أم دينية أم سياسية, وكذلك بيَّن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وجاء المرسوم التشريعي رقم 50 الصادر في الثاني والعشرين من شهر أيلول للعام 2001 ليتوج العلاقة القانونية الخاصة بالاعلام والمطبوعات منهياً العمل بالقانون 53 لعام .1949
وكان من حسنات هذا المرسوم الترخيص لعدد كبير من المطبوعات في سورية وصل إلى أكثر من 75 مطبوعة صدر منها حتى الآن حوالى الخمسين, منها ثماني سياسيات وعشرون إعلانية والباقي توزع ما بين السياحي والتجاري والرياضي والاقتصادي والنسائي.. ألغي منها سبع مطبوعات سنداً للمادة 22 من المرسوم المذكور بسبب عدم صدورها أو إصدارها وكذلك ضمن المرسوم في مادته الحادية والثلاثين حق الرد والتعقب وضرورة نشر الرد.
إلا أن المرسوم تخللته بعض الثغرات في مواده ما بين 49 وحتى 56 حيث أوجبت تجريم الصحفي ووجوب حبسه, لمجرد أن انبرى لمعالجة موضوع ما وكتب رأياً الهدف منه أولاً وآخراً المصلحة العامة.
وأشارت المواد المذكورة إلى أن ما ورد في مضمونها جرائم قسمت إلى ثلاث عشرة جريمة تمثلت بالتشهير والإفشاء والأخبار الكاذبة, وما يمس سير القضاء والعدالة, والتعرض للآداب العامة والتحريض, وتهديد الأشخاص بواسطة المطبوعات, والدعاية للدول الأجنبية, والدعوى لتغيير الدستور بطرق غير دستورية, والدعوى لتمزيق وحدة الأمة والوطن, وعرقلة تنفيذ التشريعات الاشتراكية, وإساءة استعمال الوظيفة, والافتراء.
وبذلك قيَّدت تلك المواد حرية الصحفي وجعلته مكبلاً برقابة ذاتية, ولم تتح له فرص المبادرة الخاصة وإطلاق الرأي الشخصي في قضية معينة إذا كانت مثبتة بالوثائق والوقائع المشهودة, قد تكون تلك القضية تقع ضمن دائرة العقوبات.
المهم أن المرسوم 50 لعام 2001 صدر وبدأ تنفيذه, ويبقى السؤال الأهم: ها قد مرت ثلاث سنوات على صدوره, فلماذا لم يعرض على مجلس الشعب لمناقشته, وتلافي الثغرات التي تطعن الشفافية والتطوير من خلال وجوب حبس الصحفي وإلغاء الترخيص للمطبوعة حال مخالفتها دون حق الاعتراض..
مع التأكيد أنه مطلوب من كل زميل الاطلاع على هذا المرسوم ليعرف ما له وما عليه.