وليلة منح وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة للأساتذة عبد السلام العجيلي وعبد الرزاق قدورة وابراهيم الكيلاني كانت هناك موجة من الزهو.. وكان كل من شهد الحفل كأنما هو الفائز.. واتصل بي أحد ضباط سلاح الجو السوري يقول: لماذا لا يكتب عن أوسمة الأبطال والشهداء.. والذين خاضوا المعارك ضد العدو وبذلوا أرواحهم لصون الوطن وحفظ حقوقه? لماذا لا يكون هناك حظ إعلامي للحديث عن أوسمة هؤلاء?.. ثم سرد لي قصة أحد الأبطال الذي ناضل خلال ستة عشر عاما.. ونال وساما يستحق التنويه به. قلت معتذرة: إن لكم في الجيش أوسمتكم الخاصة وتقديراتكم الخاصة.. وقد نوه الاعلام إلى ذلك في حينه والناس يعلمون عنها وإن كانت لا تقام لها الاحتفالات على المستوى العام. قال: إذن.. لماذا لا تنوهون بها أنتم الإعلاميون? بل لماذا لا تكون هذه المساهمات وسيلة لكي يعرف الناس كل الناس ماذا يقدم لهم من تضحيات في سبيل أمنهم وسلامتهم وحفظ وطنهم?
قلت: قد أفعل.. لكن الموضوع هو العمل في صمت أحيانا وبعيدا عن الأضواء.. والعطاء في صبر وإيمان لتحقيق رسالتهم باذلين أقصى ما استطاعوا من أجلها حتى توجت دربهم بتاج التقدير ورصعت أسماؤهم بالضياء. والجوائز والأوسمة ليست هدفا ولا هي مقدمة.. بل هي حصيلة ونتيجة.. والهدف هو الأسمى والأكبر في الإخلاص للعطاء.. مهما كان نوع هذا العطاء.
ثم إن الدولة التي تقدر أبناءها المبدعين هكذا.. وهي تعني أشخاصهم.. إنما تعني المقولة التي انطلق منها هذا التقدير وهي الإنتماء للوطن خالصا وللعلم أو الفن صافيا.. وما ترانا إلا حاملي مشاعلنا كلا في طريقه الخاصة به.. والناس هم الذين يقدرون.. وما الجوائز والأوسمة إلا الصدى كما للأصوات في الضمائر.. ما هي إلا الرمز الحي لحيوات ذبلت وربما تنطفىء أو انطفأت وهي تحمل نورها الذي يضيء للأجيال دروبها.
أقول ما قلته.. وأنا أتوجه إلى المواطن الكريم الذي خصني بتلك الالتفاتة الكريمة لأعبر من خلال صوتي عن أن الكلام أحيانا.. هو الوسام.. وأن عبارة تقدير.. تكون أحيانا أحسن تعبير.