وزيارة السيد الرئيس الى الصين هي زيارة تاريخية بكل المقاييس , فهي أول زيارة لرئيس سوري للصين منذ قيام العلاقات السورية-الصينيةعام ,1956 وهي ترتكز خلال الخمسين سنة الماضية على علاقات جيدة بين البلدين ومواقف متبادلة من القضايا الأساسية الوطنية والدولية تستند الى القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة, وكون الصين عضو دائم في مجلس الأمن.
ولندع الجانب السياسي للمحللين السياسيين ونتطرق الى الجانب الاقتصادي والسياحي والتجاري, فالزيارة تكتسب أهمية كبيرة على هذا الصعيد, اذ يرافق السيد الرئيس الى جانب الوفد الرسمي, وفد كبير من رجال الأعمال والمهتمين بالشأن الاقتصادي والسياحي من أجل بحث الأمور الاقتصادية والتجارية والسياحية والاستفادة من التجربة الصينية كنموذج يحتذى بعد أن حققت نموا اقتصاديا ملفتا وصل الى9%.
وهذا يجعل الصين تنفرد بتجربة اقتصادية خاصة ليس لها شبيه لا في النظام الرأسمالي ولا في النظام الاشتراكي السابق, وهي تعبر عن الخصوصية الصينية بالاستفادة,من اقتصاد السوق والمزج بين النوعين من الاقتصاد, اقتصاد السوق والاقتصاد الموجه والابقاء على مراقبة هذا الاقتصاد لتحقيق المزيد من النمو و التطور في مختلف المجالات.
وقد وصف السيد الرئيس بشار الأسد هذه التجربة خلال مقابلته مع صحيفة الشعب الصينية بقوله: هناك تجربة صينية خاصة بالصين تختلف عن كل التجارب الأخرى, أثبتت نفسها وأصبحت نموذجا الكل يتحدث عنه..«
وقال السيد الرئيس في نفس الحديث: التجارب التي قامت بها الصين تعتبر تجارب رائدة في العالم نستطيع أن نستفيد منها..«
ويمكن لنا أن نستفيد على الصعيدين العام والخاص من التجارب الصينية وبما يتناسب مع ظروف بلدنا وخصوصيتنا السورية في مجال تطوير القطاع العام وتحديثه وتنشيط القطاع الخاص وتفعيل دوره, كما يمكن جذب المستثمرين الصينين والاستفادة من التكنولوجيا الصينية وتخفيض تكلفة الانتاج ورفع معدلات النمو الاقتصادي بما يزيد عن النمو السكاني, وللصين تجربة رائدة في هذا المجال وهي البلد الأكثر سكانا في العالم حيث يزيد سكانها على مليار وربع المليار نسمة, ومع ذلك فقد كسبت الرهان وحققت نموا مذهلا في المجالات الاقتصادية.
ولا بد أن ينجم عن الزيارة إقامة اتفاقيات اقتصادية وتجارية وسياحية خاصة وأن الصين منطلق طريق الحرير وسورية محطة أساسية هامة على طريق القوافل التجارية القديمة ونقطة ربط هامة بين الطرق التجارية الحديثة.
ويمكن أن تلعب السياحة دورا أساسيا لتنشيط التبادل التجاري والثقافي بين البلدين لأن كليهما يمتلك مقومات أساسية في المجال السياحي ويستندان الى حضارة تعود لالوف السنين.
وينتظر من الزيارة التاريخية للسيد الرئيس بشار الأسد الى الصين أن تؤتي ثمارها وأن تنعكس إيجابا على مجمل العلاقات السورية الصينية لما فيه مصلحة البلدين, خاصة وأن الصين عملاق اقتصادي يمكن أن يلعب دورا أساسيا في التوازن الدولي على كافة الصعد السياسية والاقتصادية.