وتكتسب الزيارة أهميتها الاستثنائية من طبيعة الظروف التي يمر بها العالم, والمنطقة العربية على وجه الخصوص, بفعل تنامي نزعة القطب الواحد وطغيان مفاهيم القوة وأحلام السيطرة والامتداد والتوسع, المتمثلة بالهجمة الأميركية والمشروع الصهيوني, ومحاولتهما التهميش والإلغاء والاحتواء وقهر إرادة الشعوب المدافعة عن حريتها واستقلالها وقرارها الوطني, التي تستوجب تعزيز التشاور والحوار والارتقاء بالعلاقات والمواقف نحو مستويات متقدمة تستطيع أن تقدم مساهمة حقيقية في خدمة مصالح الشعبين والأمة العربية وقضية السلم العالمي ونزع فتيل التأزم من العلاقات الدولية.
وبدهي أن يكون الصراع العربي - الصهيوني والسلام في المنطقة وماتواجهه عمليته من تعثر وانكفاء وقتل يومي على يد الحكومة الإسرائيلية المستقوية بدعم الحليف الأميركي, حاضراً كما في كل لقاءات واتصالات وتحركات السيد الرئيس بشار الأسد, وأن يستقطب جانباً مهماً من المحادثات, ولاسيما لجهة التشديد والتأكيد السوري على الثوابت وعدم التفريط بذرة واحدة منها وعدم السماح لأية قوة المساس بها, وتأمين المزيد من التفهم والدعم للقضايا العربية العادلة, تلك التي درجت عليها الصين وعبرت عنها في مناسبات عدة وترجمتها مواقف مشهودة تؤكد التضامن مع سورية في نضالها لتحرير أرضها المحتلة في الجولان وسعيها لتحقيق السلام العادل والشامل المستند لقرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن والدعم للشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال, وتكرر المطالبة لإسرائيل بوجوب الانسحاب من الاراضي العربية المحتلة ووقف اعتداءاتها المتكررة وعمليات التصفية والاغتيال وبناء الجدار العنصري, كما ترفض بشدة احتلال العراق والمس بوحدة شعبه وأرضه.
لقد سعت سورية وتسعى لتغليب منطق الحوار باعتباره الوسيلة المجدية والصحيحة لمعالجة الخلافات والعلاقات بين الدول, وهي في تحركها اليوم باتجاه هذا العملاق الاسيوي, انما توقن جيداً أن هذه الزيارة ستزيد في رصيدها السياسي والاقتصادي, وتقدم اضافات كبيرة في علاقاتها التي يمكن استثمارها في تعزيز الصمود وتقويته في مواجهة الحصارات والضغوط والعقوبات الظالمة المفروضة من جانب واشنطن, والمرفوضة مطلقاً من جانب الأصدقاء الصينيين وعواصم الدنيا قاطبة.
وإذا كانت الأنظار تتجه اليوم الى العاصمة بكين وتترقب باهتمام ماستتمخض عنه زيارة الرئيس الأسد, فإننا في سورية شأننا شأن جميع الأشقاء في الوطن العربي الكبير يحدونا التفاؤل والثقة بأن موقع البلدين وثقلهما وعلاقاتهما المميزة الضاربة الجذور والتحديات المماثلة التي يتعرضان لها والارادة المشتركة للقيادتين كفيلة بأن تجعل النتائج أكثر ايجابية وفي مستوى طموحات وتطلعات البلدين, ولاسيما أن نقاط الالتقاء والتطابق في المواقف حيال القضايا الدولية والاقليمية تشكل المرتكز والأرضية والمحرض لتعميق وتعزيز هذه المواقف واعطاء العلاقات الزخم والدفع اللازمين.