وليس بخافٍ على أحد أن أحد أهم استهدافات الغزو والاجتياح الأمريكي للعراق, والذي لم تستطع إدارة الرئيس جورج بوش بجناحيها السياسي والعسكري انكاره هو السيطرة على منابع النفط حيث يشكل في العراق ما نسبته 11% من احتياطي النفط العالمي, وما أسمي (ضمان أمن إسرائيل), مما يعني في المحصلة تحقيق حلم تل أبيب بتدمير الجيش العراقي وتفكيك الدولة وتقسيم الأراضي إلى دويلات, تأخذ في حساباتها خلق كيانات يمكن التعويل عليها واستخدامها مستقبلاً وحين الحاجة كرؤوس جسور ونقاط انطلاق للتمدد والتوسع وممارسة سياسات الضغوط والابتزاز والتهديد, وتسويق المشروع الأمريكي - الصهيوني في المنطقة وفي اتجاه التعميم وتشميل العالم به.
هذا التحدي الذي يطرح نفسه بقوة لا على العراق وحده, وإنما على المنطقة وجوارها وحتى العالم, ويدفع في اتجاه الإبقاء على الحرائق وإذكائها وتوسيع دائرتها, باعتبار أن ما يجري في بلاد الرافدين ومظلة التواجد العسكري للاحتلال الأمريكي تخلقان وضعاً مريحاً لإسرائيل وتوفران الفرصة التاريخية والذهبية لها كي تستكمل مخططاتها ومشاريعها في تثبيت الاحتلال وابتلاع الأراضي الفلسطينية وذبح وإبادة أبنائها, بقدر ما يثير القلق والتخوف, فإنه يستدعي التحرك العاجل والتنسيق على مستوى الوطن العربي ودول الجوار, لجبه الخطر المحدق قبل أن يستفحل وإسقاط مفاعيله, وقطع الطريق على مخططات العبث والتخريب والاعتياش على الدم والتهديد للأمن القومي والاستنزاف لما تبقى من قدرات العراق وطاقاته المادية والبشرية.
وهناك الكثير مما ينبغي فعله في هذا المجال بالإفادة من الوضع الدولي الرافض أصلاً لمبدأ الحرب والغزو, واستثمار المعارضة الواسعة والطاغية في الساحة العالمية وحتى الأمريكية وتفعيلها في اتجاهات ضاغطة تحمل أصحاب النزعة العسكرية المغامرة وتجار الموت والحروب على إعادة النظر في حساباتهم الخاطئة, وترك العراقيين يقررون بحرية ودونما تدخل خارجي مستقبلهم في الإطار الذي يحقق الخلاص وعودة السيادة ويحفظ للوطن وحدة الأرض والشعب والانتماء.
وبالطبع فإن مهمة الشعب العراقي على اختلاف أطيافه, تبقى الأساس في التصدي للتغلغل الصهيوني المغطى من قبل الاحتلال ولجم اندفاعته, ومنعه من مزاولة دوره التخريبي ومواصلة اللعب بالنار وتقديم مساهماته القذرة لتحطيم هذا البلد والإبقاء على احتلاله.
ذلك أن أي نجاح للمشروع الصهيوني أو ذاك الداعم له, إنما يعني وضع المنطقة والجوار الإقليمي وسلام وأمن العالم واستقراره في مواجهة أوضاع واستحقاقات كارثية, لا نبالغ إذا ما قلنا: إنها قد تكرر المشهد الفلسطيني وتستحضر نكبة ال/48/ وتؤسس لمزيد من الفوضى والحروب والأطماع الامبراطورية المفتوحة على كل المناحي وفي جميع الاتجاهات...